تسرب نفطي ومعادن ثقيلة تصل نبع وتمتد لبحيرة الباسل بالحسكة ومخاوف من كارثة بيئية
وثيقة رسمية عمرها اربع سنوات حذرت من وصول التلوث الى البحيرة واقترحت الحلول
مدير الموارد المائية: السبب هو عدم دراسة المنطقة دراسة علمية من قبل شركات متخصصة
عندما أرسل الأهالي المجاورين لبحيرة الباسل في محافظة الحسكة شكوى يتحدثون فيها عن “كارثة بيئية لا تحتمل”، بسبب تسرب النفط من حقل نفط تشرين إلى نبع(عين طابان) ومن النبع إلى بحرية الباسل،
اعتقدنا أنهم يبالغون، لكن حين قصدنا المنطقة وشاهدنا نفوق الاسماك وعدد من طيور الإوز التي عادةً ما تربي على السدود، حتى أن العشب المجاور للمنطقة تخلى عن لونه الأخضر واكتسى اللون الأسود، أدركنا أننا أمام كارثة بيئية تتجاوز أخطارها تلوث مياه البحيرة التي لا زالت تستخدم لري الآلاف الدونمات المزروعة.
وفي وثيقة حصلت عليها سيريانيوز تبين بان المشكلة عمرها أربع سنوات وان هناك اجتماعات عقدت وتمّ خلالها تشخيص المشكلة ووضع الحلول، إلا أن الوقائع على الأرض وبحسب ما أكد مدير الموارد المائية بالمحافظة، تشير الى تفاقم التسرب دون ان تعرف تلك الحلول طريقها للتنفيذ على الأرض.
الأهالي يرون قصة التلوث
أهالي منطقة نبع(عين طابان) الذي يغذي مياه السد الجنوبي(بحيرة الباسل) التي تقع بين مدينة الحسكة وناحية الشدادي، رووا لسيريانيوز شكواهم قائلين “البداية كانت من البئر المخصص لحقن مخلفات استخراج النفط(دفن نفايات النفط) , وهذه المرحلة يلزمها أدوات وأجهزة ربما كانت الشركة المستثمرة في هذه المنطقة غير قادرة على تأمينها”.
وأضاف الأهالي “بعد ذلك شاهدنا بجانب آبار الحقن أحواضاً سطحية لجمع هذه المخلفات لكن حتى لا يفتضح الأمر كانت المنطقة مليئة بالتكهفات الأرضية العميقة والتي تتصل بنبع طابان القريب جداً من بحيرة الباسل التي كانت تروي قرى الجنوب(بين 20-30 قرية)على امتداد أكثر من مئة كيلو متر ومئات آلاف الدونمات”.
وبين الأهالي لسيريانيوز ” وتم وضع مصيدة(حوض داخل الأرض) في موقع عين طابان وهذه المصيدة على شكل أنشأت لصيد التلوث المنبعث من العين لمنع التلوث من الدخول إلى البحيرة إلا أن الطرق البدائية المستخدمة على ما يبدو لم تحول دون مرور الماء المنفطنة فبعد أن كانت العين تغذي البحيرة بالماء العذب أصبحت تمدها بالماء الأسود المشبع بالنفط ” .
مدير الموارد المائية : التلوث ليس جديد
مدير الموارد المائية في الحسكة المهندس سمير مورا كشف لسيريانيوز : “التلوث ليس جديداً وهناك نوعين من التلوث تلوث معادن ثقيلة وتلوث نفط ، وسبب التلوث غير معروف لأن منطقة التلوث فيها حفر كثيرة أو ما يسمى علمياً بالكاهرست ، وهذه الحفر فيها رشح نفطي ، وهذا الرشح ينتقل إلى النبع أثناء الهطولات المطرية الغزيرة ومن ثم إلى البحيرة ، وعندما يحدث نوع من الفيضان في المنطقة المحيطة بالنبع بحدود 6 – 7 كم “.
وأضاف مورا “وقد تم وضع مصايد، (أحواض داخل الأرض) من قبل شركة النفط إلا أنها مصائد غير كافية وطريقتها بدائية وتقليدية وغير مجدية ، وعدد المصائد لا تكفي لاصطياد النفط” ، وعن الحلول السريعة قال مورا : ” تكمن الحلول تغير المصيدة وتحسينها ودراسة علمية لتقدم النفط ونقله لمواقع بعيدة للمعالجة، كون معالجة النفط تتم في نفس المكان بالقرب من الأراضي الزراعية مما يؤدي إلى تلوث الأراضي الزراعية، بينما المطلوب تطوير المصيدة وتوضع بشكل مدروس علمي بحيث يصطاد النفط ويجر إلى أماكن بعيدة لمعالجته ويوضع بأحواض بيتونية لكي لا يلوث الأراضي الزراعية”.
وأضاف مورا ” ووزارة الإسكان قد تنفذ محطة المعالجة خلال الستنين القادمتين بالإضافة إلى أن شركة حقول جبسة النفطية والشركة الصينية للنفط ستتخذ إجراءتها ، والأهم في هذه الحلول استقدام شركات متخصصة عالمية للنفط لإيجاد حلول نهائية لهذا التسرب والتخلص من المعادن الثقيلة الموجودة “.
وعن تقديراته لأسباب التلوث قال مدير الموارد المائية : ” السبب هو عدم دراسة المنطقة دراسة علمية من قبل شركات متخصصة ، والتلوث الذي نراه في النبع ظاهري أما ما يلوث المياه هو المعادن الثقيلة المرافقة للنقط كالرصاص والزئبق ، بالإضافة إلى مياه الصرف الصحي القادمة من مدينة الحسكة سواءً من نهر الجغجغ أو الخابور وهذا نتيجة عدم تنفيذ معالجة مياه الصرف الصحي “.
وعن صلاحية المياه الموجودة في البحيرة للاستهلاك قال المهندس مورا : ” إن المياه غير صالحة للشرب ، وأن المياه النقية تصل إلى المنطقة من سد الحسكة الغربي لإرواء المناطق القريبة من منطقة التلوث “.
ونفى مورا ” أن يكون نفوق الأسماك والطيور ناتجاً عن التلوث ” مشيراً إلى ” أن النفوق يحصل كل عام وفي أماكن مختلفة ”
وعن وجود تلوث في عين طابان وعدم وجوده في عين سليم الموجود في الجهة المقابلة لعين طابان والقريبة منها قال مدير الموراد المائية : “لأن عين سليم تنبع من جبل عبدالعزيز وعين طابان من جبل سنجار الذي يوحد فيه نفط ” .
محافظ الحسكة يحث على التحرك
بدوره زار محافظ الحسكة معذى نجيب سلوم منطقة التلوث يوم الخميس الفائت 6/5/2010 وقال في تصريح إعلامي: “من الضرورة الآن متابعة الإجراءات الخاصة بمعالجة أسباب تلوث المياه والتسرب النفطي في النبع وتطبيق الأنظمة الحديثة والمتطورة في معالجة هذا التلوث ومنع وصول المياه الملوثة إلى مياه البحيرة التي يصب فيها النبع إضافة إلى اختيار الأماكن المناسبة لحقن المياه المرافقة لاستخراج النفط وتنفيذ التحاليل والتجارب اللازمة لتحديد نسبة التلوث ومدى تأثيرها على مياه النبع والسد الجنوبي وتحليل التربة الزراعية في المنطقة والعمل على إعادة تأهيلها باستمرار”.
وطلب المحافظ من جميع الجهات المعنية ” ضرورة اتخاذ الإجراءات الكفيلة بالحد من تلوث مياه نبع تل طابان وتدفق المخلفات النفطية السائلة إلى منطقة النبع. ”
وزارة النفط تشخيص قديم دون حلول
سيريانيوز وأثناء بحثها عن تفاصيل الموضوع حصلت على وثائق تثبت قدم المشكلة وتأخر إيجاد الحلول ، فوزير النفط وجه كتاباً إلى وزير الإدارة المحلية حمل رقم 13/774 ، ت : 20/12/2006 قال فيه :
” تم تنفيذ زيارة حقلية إلى حقل نفط تشرين – نبع طابان – بحيرة سد الباسل – نهر جغجغ – نهر الخابور ولوحظ التالي :
1- آثار التلوث النفطي على شواطئ الخليج بين عين طابان والبحيرة بشكل واضح ، كما لوحظ آثار نفطية على كهوف الانحلال الممتدة من حقل نفط غرب تشرين وصولاً إلى نبع طابان ومن ثم إلى البحيرة .
2- جور معظم آبار نفط تشرين تحوي نفط ومياه طبقية
3- وجود تلوث بالمياه الطبقية وآثار نفط في المنطقة المحيطة ببئر حقن المياه . ”
كما تضمن الكتاب ذاته :
” تم عقد اجتماع في مدينة الحسكة في مكاتب شركة دبلن وممثلوها وممثلو شركة النفط ( عقود الخدمة والمديرية الفنية ومديرية حقول الجبسة ) تم خلالها الاتفاق على الإجراءات التالية :
1-أن تقوم شركة دبلن بوضع وتنفيذ الخطة الكفيلة بمنع أية تسربات نفطية أو مياه طبقية من حقل تشرين ومعالجة الجور النفطية الموجودة حالياً .
2- الاتفاق بين الشركة السورية للنفط والجهات الوطنية ( مديرية الري – وزارة الإدارة المحلية والبيئة ) على طريقة مناسبة لحل مشكلة تلوث البحيرة بالعناصر الثقيلة بعد أن يتم استبعاد التلوث النفطي ”
3- سلمت ثلاث نسخ متماثلة من العينات المائية سابقة الذكر إلى المخابر التالية :
– مخابر الشركة السورية للنفط وتم تسليم العينات بتاريخ 18/8/2006 .
– مخابر الهيئة العامة للطاقة الذرية 18/8/2006 .
– مخابر المعهد العالي للعلوم التطبيقية 18/8/2006 . ”
وكانت شركة النفط الكندية دبلن شركة خاصة بالكشف والتنقب عن النفط في مديرية حقول جبسة وقامت العام الماضي ببيع أسهمها كاملة لشركة ساينوتيك الصينية .
وأشار الكتاب ذاته : إلى أن نتائج تحاليل العينات كشفت عن ” وجود اختلاف كبير بين العينة المأخوذة من المياه الطبقية لحقل تشرين وباقي العينات مما يؤكد عدم وجود أي علاقة بين مياه نبع طابان وحقل تشرين وبالتالي ليس هناك أي تسرب نفطي للمياه الطبقية من حقل تشرين باتجاه نبع طابان ”
واقترح وزير النفط في الكتاب التالي بما يخص التلوث :
” صيانة وإعادة تأهيل المصيدة الحالية الموجودة على مخرج المياه من نبع طابان والعمل على إنشاء مصيدة جديدة مناسبة لاصطياد ما تبقى من نفط موجود حالياً في الكهوف الانحلالية على امتداد المنطقة الواصلة من غرب حقل تشرين وصولاً إلى نبع طابان والتي ستظهر في مواسم فيضان قادمة”.
ومطالبة بحل سريع
المشكلة بحسب الوقائع والوثائق قديمة وكبيرة وتحتاج لحلول جذرية وعاجلة بعد أربع سنوات من الصمت، هذا أكده أهالي المنطقة مطالبين الجهات المعنية وخاصة وزارتي البيئة والنفط بالتحرك السريع درءا لتفاقمها وتجنبا لخطرها على الصحة العامة والأراضي والمزروعات والحيوانات.
أيهم مرعي– سيريانيوز – الحسكة