الدور التركي في المنطقةصفحات العالم

وثيقة: ماذا قال فتح الله غولن بالضبط؟

جو لوريا
ننشر هذا النص – الوثيقة لموقف فتح الله غولن من “اسطول الحرية” والذي اثار ضجة بعد نشره في صحيفة “وول ستريت جورنال” بتاريخ 4/6/2010.  الملاحظ ان غولن انتقد موقف رجب طيب اردوغان من “الاسطول”، لكنه لم ينتقد مطلقاً توجهه الفلسطيني منذ الحرب الاسرائيلية على غزة مرورا بصدام دافوس… الى الاشتباك الديبلوماسي بعد محاولة اهانة السفير التركي في اسرائيل.

انتقد الإمام فتح الله غولن، وهو مثير للجدل ومنعزل يقيم في الولايات المتحدة ويُعتبَر الزعيم الديني الأكثر تأثيراً في تركيا، أسطولاً قادته تركيا لمحاولة توصيل مساعدات من دون موافقة إسرائيل.
وقد تحدّث غولن في أول مقابلة له مع منظمة إخبارية أميركية، عن مشاهدته التغطية الإخبارية للمواجهة الدموية التي وقعت يوم الاثنين [31 أيار الماضي] بين قوات الكومندوس الإسرائيلية والأتراك في فريق المساعدات مع اقتراب الأسطول من الحصار البحري الذي تفرضه إسرائيل على غزة. وعلّق “ما رأيته لم يكن جميلاً. كان قبيحاً”.
وقال غولن إن عدم توصّل المنظِّمين إلى اتفاق مع إسرائيل قبل محاولة توصيل المساعدات هو “مؤشّر عن تحدّي السلطات، ولن يؤدّي إلى نتائج مثمرة”.
يزداد التدقيق في آراء غولن وتأثيره داخل تركيا بينما تخوض المجموعات المختلفة في البلاد معركة لإعادة قولبة ديموقراطيةٍ هي حليفة أساسية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. تضع المعركة، كما يصفها مراقبون كثر، المؤسسة العلمانية والعسكرية التقليدية في البلاد في مواجهة موظّفين حكوميين يميلون إلى الإسلاميين وسياسيين في الحكم يقولون إنهم يسعون إلى أن تكون تركيا أكثر ديموقراطية وتسامحاً على الصعيد الديني. يُلهِم غولن جزءاً من المعسكر الأخير، على الرغم من أن حجم انتشاره يبقى مثار جدل شديد.
وتأتي كلماته المتحفِّظة هذه في الوقت الذي استقبل كثر في تركيا ركّاب الأسطول استقبال الأبطال بعد يومين من الحجز في إسرائيل. وقد شجب رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان من “حزب العدالة والتنمية” الحاكم، الخطوات الإسرائيلية واصفاً إياها بـ”المتنمِّرة” وبـ”الخطأ التاريخي”.
قال غولن إنه لم يسمع سوى حديثاً بـ”مؤسسة حقوق الإنسان والحريات والمعونات الإنسانية”، وهي منظمة خيرية تتّخذ من اسطنبول مقراً لها وتنشط في أكثر من مئة بلد، وكانت من المنظِّمين الأساسيين لأسطول المساعدات. قال “ليس سهلاً أن نحدّد إذا كانت مسيَّسة أم لا”. وأضاف أنه عندما ترغب منظمة خيرية تابعة لحركته في مساعدة الغزّاويين، يصرّ على حصولها على الإذن من إسرائيل، معتبراً أنه من الأفضل أن تُترَك للأمم المتحدة مهمة تحديد المسؤوليات في ما جرى.
لطالما كان غولن شخصية محيِّرة، إذ يتجادل النقّاد والمؤيّدون حول طبيعة تأثيره في تركيا ومدى انتشاره. وقد وصف نفسه بينما كان يرافق زائراً يوم الأربعاء [2 حزيران] في رواق منزله الأمامي – الذي تزيّنه خريطة لتركيا وآية من القرآن وصورة لمقاتلة “إف-16” تركية فوق البوسفور – بأنه معلّم غير سياسي. قال “لا أعتبر نفسي شخصاً لديه أتباع”.
ولد غولن شرق تركيا عام 1941، وأصبح إماماً مرخَّصاً من الدولة بسن السابعة عشرة، بعد ثلاث سنوات من التعليم النظامي والدراسات مع معلّمين صوفيين. وفي تركيا التي كانت خاضعة إلى حد كبير لسيطرة المؤسسة العسكرية-العلمانية، أنشأ منظمة وطنية للدراسة الإسلامية ومدارس داخلية، فاكتسب الدعم من عدد كبير من المسلمين الأثرياء، لكنه كان يصطدم أحياناً مع القانون.
خلال وجوده في الولايات المتحدة عام 1999 لتلقّي العلاج الطبي، وُجِّهت إليه في تركيا تهمة محاولة إنشاء دولة إسلامية – وهو أمر يحرّمه الدستور العلماني التركي. فمكث في ولاية بنسلفانيا حيث يعيش الآن في ملكية مساحتها 25 أكراً في بوكو ماونتنز. ويقول إنه منذ انتقاله للعيش هناك، لم يغادر المكان سوى مرّتين.
يبشّر غولن باللاعنف والحوار بين العالمَين الغربي والإسلامي، وبتقليد تعليمي يمزج بين دراسة العلوم والإسلام. جُمِعت أعمدته في الصحف وعظاته الأسبوعية على الإنترنت ورسائله الأخرى في أكثر من 60 كتاباً. ووفقاً لتقديرات عدة، يتراوح عدد مؤيّديه من ثلاثة ملايين إلى ثمانية ملايين شخص.
أنشأ أتباعه مئات المدارس في أكثر من مئة بلد، ويديرون شركة تأمين ومصرفاً إسلامياً يحمل اسم “آسيا”، وقد ورد في تقريره السنوي أنه يملك أصولاً قدرها 5.2 مليارات دولار. يملكون أكبر صحيفة يومية في تركيا، “زمان”، ومجلّة “أكسيون”، وخدمة إلكترونية، ودور نشر، وإذاعة، والشبكة التلفزيونية “إس تي في”، وفقاً لهيلين روز إيبو، عالمة الاجتماع في جامعة هيوستن ومؤلفة The Gülen Movement (حركة غولن). تقول إن الأتباع يتبرّعون بمبلغ يصل إلى ثلث مدخولهم لمؤسسات مستقلة على صلة بغولن.
وقالت إيبو إن غولن ليس عضواً في مجلس إدارة مصرف “آسيا” ولا في أي مؤسسة، كما أنه ليس عضواً في المجالس التحريرية التابعة لأي من المجلات أو الصحف أو القنوات التلفزيونية المؤيّدة له. وفي المقابلة، قال الإمام إنه ليست لديه أي مصلحة مالية في أي من الممتلكات.
يرى منتقدو غولن فيه زعيماً أقرب إلى المعبود من أتباعه، وتهدف أمبراطوريته إلى تدريب نخبة إسلامية سوف تعيد ذات يوم بناء الدولة التركية. يقول سونر كاغابتاي، وهو منتقد لغولن يعمل محللاً للشؤون التركية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، إن الشرطة التركية قد تكون متأثّرة إلى حد كبير بالإمام من خلال مؤيّدي غولن الذين يحتلّون مناصب أساسية – مما يولّد في الواقع ثقلاً موازِناً في مقابل الجيش التركي النافذ، معقل العلمانية.
قال غولن في المقابلة “لست زعيم فصيل أو شخصاً يجعل بعض المسؤولين في الدولة يتبعونه على الرغم من واجباتهم الرسمية”.
قال غراهام فولر، وهو ضابط سابق في وكالة الاستخبارات المركزية يعمل الآن مستشاراً مقيماً في “راند كوربوريشن” في كولومبيا البريطانية، إن هناك “ازدواجية كبيرة” في الولايات المتحدة بشأن غولن. فقد شرح: “من جهة يعتبرونه معتدلاً جداً ويقوم بالكثير من الأمور الإيجابية”. لكنه يضيف أنه لطالما ألقت واشنطن بثقلها خلف أتباع مصطفى كمال أتاتورك العلمانيين معتبرةً أن “السياسة التركية تدور بكاملها حول نظرتهم إلى الأمور”.
رفضت وزارة الخارجية الأميركية إبداء رأيها في غولن لإيراده في هذا المقال.
عام 2007، تحرّكت وزارة الأمن الوطني الأميركية ولم تمنح غولن إقامة دائمة في الولايات المتحدة، رافضةً زعمه امتلاك قدرة استثنائية كمربٍّ. كتبت الحكومة “تحتوي السجلات على أدلّة دامغة بأن المدّعي هو في شكل أساسي قائد حركة دينية وسياسية كبيرة ونافذة وذات ممتلكات تجارية هائلة”.
وقد ربح غولن في الاستئناف بعد تلقّيه 29 رسالة دعم بينها واحدة من فولر.
فنّد الإمام توصيف وزارة الأمن الوطني. وقال إنه لا يعطي الإرشاد إلا لمن يطلبه.
فتحت انتخابات عام 2002 التي فاز فيها “حزب العدالة والتنمية” حقبة جديدة أمام غولن ومن يُلهمهم، نظراً إلى أن لديهم عدواً مشتركاً في المؤسسة العسكرية-العلمانية.
يقول “حزب العدالة والتنمية” إنه لا تجمعه أي روابط سياسية بغولن. ويقول الإمام إن النقّاد ربطوه خطأً بالقادة الحاليين والسابقين في تركيا. قال “لم أمتلك من قبل ولا أمتلك الآن أي علاقة بحركة ذات طموحات سياسية. أنا مواطن تركي وحسب”.
الشهر الفائت، أسّس أتباع غولن “جمعية الاتحادات التركية الأميركية” في واشنطن، وهي منظّمة تضمّ تحت جناحَيها نحو 180 مؤسسة محلية غير ربحية منتشرة في مختلف أنحاء الولايات المتحدة وتعنى بالتعليم والثقافة.
أوردت صحيفة تركية ناطقة اللغة الإنكليزية أن غولن قال لأتباعه إنه لا يمكنهم زيارته في مقر إقامته في بوكونوس إذا لم يتبرّعوا أولاً لعضو الكونغرس في المحلّة حيث يقيمون. لكن غولن ينفي ذلك.
قال غولن: إن إفادة المجتمع هي واجب إسلامي وإنساني يترتّب على المسلمين، وإنه سيكون مسروراً إذا دعم من يحترمونه المشترعين باسم الديموقراطية والإنسانية.
قال غولن “سمعت أن بعض الناس في الولايات المتحدة يعتبرون أن تركيا هي بؤرة للراديكالية”. وأضاف أن حملات الضغط التي يشنّها الاتحاد الجديد تهدف إلى أن “تعكس من خلال أشخاص صادقين ومنفتحي العقل ومؤيّدين للحوار الطبيعة الحقيقية للحقائق التركية”.
ترجمة نسرين ناضر

(صحافي مستقل متخصّص في صحافة التقصّي)
النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى