صحافي برفقة سيادة الرئيس
زين الشامي
درج بعض الرؤساء والزعماء الأميركيين أو الأوروبيين على اصطحاب بعض الصحافيين المهمين، أو ممثلي بعض وسائل الإعلام المهمة والمؤثرة، معهم على متن طائراتهم خلال جولاتهم وزياراتهم الخارجية، طبعاً ربما لا تكون هناك علاقة مباشرة بين الرئيس وكل الصحافيين الذين يسافرون معه ويغطون جولاته ومواقفه وتحركاته، لكن لا تخلو علاقات اولئك الزعماء من علاقة خاصة مع صحافيين محددين لهم أهميتهم نظراً لما يمثلونه من تأثير على الرأي العام على مدار أعوام العمل الطويلة، ونظراً لما أنجزوه خلال مسيرتهم المهنية.
غير أن علاقة الزعيم، أو الرئيس، أو المسؤول، في بلادنا العربية مختلفة تماماً، حيث لا توجد علاقة «خاصة» بين رئيس أو زعيم وما بين صحافي، فكل ما هو موجود هو علاقة بين المكتب الصحافي في مكتب الرئيس، أو المسؤول مع بقية الصحافيين، وضمن هذه العلاقة الواسعة يوجد تمييز أو ميزة لبعض الصحافيين دون غيرهم عن البقية سواء لناحية تسريب بعض الأخبار والمواقف، او لناحية اختيارهم دون غيرهم ليرافقوا الرئيس أو المسؤول.
الصحافي المحظي، وليكون محظياً، عليه أن يتوافر فيه بعض الخصال والمواصفات حتى يتم اختياره، فهو مثلاً عليه أن يكون متمتعاً بتاريخ طويل من الولاء للنظام السياسي و«لسيادة الرئيس» والحكومة، وعليه أن يكون مؤدباً فيما لو كان هناك مجال لطرح الأسئلة في الاجتماعات أو المؤتمرات الصحافية، لا بل عليه أن يسأل السؤال، الذي طلب منه المكتب الصحافي للرئيس قبل موعد المؤتمر، حرفياً دون زيادة، أو نقصان، أو اجتهاد، أو محاولة «للفهلوة»، أو التذاكي، أو السؤال الذي تسلمه مكتوباً من ذلك المكتب الصحافي، أو من مدير مكتب الإعلام في وزارة الخارجية.
كذلك على الصحافي الذي يود رفقة «سيادة الرئيس» أو المسؤول في رحلاته الخارجية، أن يكون كريماً مع من رشحه «للسفرة» إلى الخارج، وأن يقوم بشراء «هدية» له من الدولة التي سافر إليها، هدية تدل وتبرهن أنه لا ينسى المعروف والجميل.
طبعاً هذا الصحافي الذي يرافق «السيد الرئيس» يعتقد أنه لو لم يكن صحافياً مهماً لما تم اختياره بالأصل لمثل هذه «المهمات الخارجية» ويعتقد أنه مكلف بتمثيل وعكس موقف بلاده مهما يكن هذا الموقف، على مبدأ «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً»، وهو يعتقد، أو ربما على قناعة، أنه بات جزءاً من «الجسم السياسي والديبلوماسي للدولة»، فهو وما أن يعود من سفرته تلك، حتى نراه ببذته الرسمية ووجهه المتجهم ومشيته الطاووسية المتعالية على زملائه، وربما يدخن سيجاراً كوبياً، وحين يتحدث عن سفرته ورحلته مع «السيد الرئيس» يتحدث كما لو أنه كان يراه كل دقيقة ويحضر لقاءاته جميعا، فيما الحقيقة أنه مجرد صحافي بين العشرات، ويرى رئيسه مثلما
يراه أي جمهور من بعيد، أما إن حصل ووجه ذلك السؤال المعد مسبقاً والمتفق عليه، فإنه يبقى يتحدث بهذا «الانجاز» والسؤال «الصعب» و«الجريء» و«المميز» و«المختلف» حتى موعد الزيارة أو الجولة الثانية للسيد الرئيس.
طبعاً هذه النوعية من الصحافيين لا تنسى أن تحمل معها كاميراتها الصغيرة والحديثة «الديجيتال» من أجل التقاط الصور كلما تسنى لها ذلك، ثم ليضعوها في اليوم التالي على صفحتهم على «الفايسبوك» كنوع من التباهي، وإذا ما صادف وسلموا باليد على «السيد الرئيس» أو رئيس الدولة الأخرى، فنراهم حين عودتهم، وفي اليوم الثاني مباشرة، يذهبون إلى أقرب محل تصوير ليكبروا الصورة ويضعوها على مكاتب عملهم ضمن إطار مذهب، أو فضي، أو خشبي كلاسيكي، في محاولة للايحاء لزائريهم، أو ضيوفهم، أو حتى زوجاتهم وأبنائهم بمدى أهميتهم وقربهم من «سيادته».
طبعاً هذه النوعية من الصحافيين، لا تنتقد، لا تدقق في ما قال سيادته، لا تحاول أن تبحث بما حصل من وراء الكواليس، لايقرؤون بشكل جيد، لا يكتبون بشكل جيد، كل همهم تحضير أنفسهم لزيارة جديدة برفقة «السيد الرئيس» والتقاط صور جديدة «لبروظتها» أو نشرها على «الفايس بوك».
كاتب سوري
الراي