أوباما يريد حزب الله مدانا
غسان المفلح
اعلن البيت الابيض ان الرئيس الاميركي باراك اوباما مدد تجميد اموال اشخاص يهددون استقرار لبنان، وهو قانون صدر للمرة الأولى العام 2007 واستهدف خصوصا سوريا، على خلفية “استمرار نقل الأسلحة الى حزب الله”. وفي رسالة وجهها الى الكونغرس، اوضح اوباما انه يمدد حال “الطوارئ الوطنية” في هذا الملف والتي ينتهي مفعولها في اول اب/اغسطس لعام واحد. وقال الرئيس الاميركي “سجل تطور ايجابي في العلاقة بين سوريا ولبنان، لكن استمرار نقل الأسلحة الى حزب الله بما فيها اسلحة اكثر تطورا، يؤدي الى تقويض سيادة لبنان ويساهم في عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في المنطقة، ولا يزال يشكل تهديدا (…) للامن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة”. وكان ناطق باسم الخارجية السورية عبر عن استغرابه “لتدخل” الولايات المتحدة في المحادثات التي سيجريها الملك عبد الله في دمشق، وجاءت تصريحات الناطق السوري ردا على المتحدث
بهذه الأنباء تواردت فيما كانت بيروت تستعد لاستقبال الرئيس بشار الأسد وخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، لم يعد مهما الآن النتائج التي سوف تتمخض عنها هذه الزيارة التي تعتبر تاريخية من وجهة نظر اللبنانيين، إن تجديد العقوبات الأمريكية، والتي تطال سوريين ولبنانيين، ليس القصد منها، الضغط على النظام السوري، وإنما تأكيدا للإشارة، المزمع تنفيذها، وهي إدانة حزب الله بمقتل رفيق الحريري، بشكل أو بآخر، ورسالة للسوريين كي لا يعقدوا هذا الأمر، ولا يزيدوا من ضغوطهم من أجل إيقاف المحكمة الدولية لبنانيا على الأقل. لأن هنالك من تحدث، عن صفقة حولت النظام في دمشق إلى وسيط، والتي مفادها” إنهاء المحكمة مقابل سلاح حزب الله” وهذا القرار الأمريكي لا يعني بحال من الأحوال أنه على أجندة التنفيذ المباشر، ولكن السلاح بيد حزب الله، يجب ألا يكون ورقة إيرانية، بأي حال من الأحوال، فإسرائيل لاتخاف من سلاح حزب الله بتحالف سوري، إسرائيل تحسب حساب سلاح حزب الله، كنفوذ إيراني. لأنه يضع إيران في موقع أفضل بالتفاوض، وإسرائيل كما قلنا من قبل، لا تريد ان تكون طرفا مباشرا في نزع سلاح حزب الله، لعدة أسباب، أولا هذا مكلف جدا لها عسكريا، إن استطاعت، ومن جهة أخرى، لم يعد هذا السلاح مصدر خطر في حال بقي بعيدا عن الاستخدام الإيراني. خصوصا بعد تواجد قوات اليونفيل، على أثر القرار 1701 بعد تموز 2006.
لهذا ستحاول أمريكا ومعها فرنسا ان تترك حزب الله بمواجهة اتهام الاغتيال، سواء عبر عناصر غير منضبطة أو بقرار من الحزب، وفي كلتا الحالتين يصبح التفاوض على مسألة سلاح حزب الله، أمرا محرجا للحزب، ولهذا يحاول الأمريكان الان الضغط على السوريين من أجل أن يكونوا وسيطا” نزيها” بدون إشارات تعجب- في ذلك، كما وعد خادم الحرمين بإيجاد حل لهذه القضية! أي إيجاد حل للقرار الظني الذي يمكن أن يصدر بحق حزب الله.
****
الفتنة لا تعني أوباما كثيرا، ما يعنيه هو أولا المصالح العليا لأمريكا كما تراها إدارته، وكما عبر عنها البيان الأخير لتمديد العقوبات.
والآن لا بد لنا من توضيح قضية مهمة بالنسبة لنا، أن كافة الأطراف اللبنانية باتت بالنسبة لنا على نفس المسافة، ما عدا جماعة اليسار الديمقراطي، لأنهم من رائحة الشهيد سمير القصير، ومثابرة الباحث زياد ماجد، وربما ما نمضي فيه، كفيل بأن نخاف على بعضهم من الاعتقال، لدى المقدم وسام الحسن، من يدري ربما يحدث هذا. أما الأحزاب الكبيرة التي تتقاسم المناصب والحقوق والعلاقات الدولية والإقليمية، فإنها جميعا أصبحت متساوية في علاقتها مع سورية، نظاما وشعبا.
لهذا لم نعد مهمتمين بسحب سلاح حزب الله، سواء قوى النفوذ الإيراني أم أضعفه” من هم لباراك أوباما- يصطفلوا” كما يقال بالعامية الشامية- اللبنانية. وربما نجح حزب الله في وقت لاحق، بتطبيق برنامجه السياسي، وقيام جمهورية لبنانية موالية كليا لطهران، نفوذ إيراني متحرك خير من نفوذ فرنسي بزعامة ساركوزي، أو نفوذ عربي متهالك، طالما أن مشروع الراحل رفيق الحريري قد اغتيل معه.
أوباما وإدارته الآن، منشغلين بغير عرس تشيلسي ابنة بيل وهيلاري كلنتون، منشغلين أيضا، بتغطية بنيامين نتنياهو مع المفاوضات المباشرة مع السلطة الفلسطينية التي تكللت المساعي بإعطاءها غطاء عربي، وإخراج جبهة الجولان الهادئة من أي ضغط عليها، حتى لو أدى الأمر لإلغاء المحكمة الدولية.
ثم لا بد لنا أن نؤكد، أن المحكمة الدولية في حال أدانت بعض عناصر من حزب الله، فإن سحب سلاح الحزب لن يتم إلا بموافقة إيرانية، أو تدخل عسكري سوري مباشر، وهذا لن يحدث مطلقا.
لكن الإدانة بحد ذاتها هي المطلوبة، وفيما بعد يتم التحرك أمريكيا بناء عليها كورقة ضاغطة.
ثم لابد ألا ننسى ان القمة الثلاثية في بيروت قد طمأنت أوباما بأنها ستعجل بتشكيل الحكومة العراقية، وهذه أيضا يجب ألا تغيب عن اللوحة.
سحب سلاح حزب الله يجب أن يتم لصالح دولة ديمقراطية لبيرالية حقيقية، وهذا الأمر غير وارد في الأفق الآن، لأنه على ما يبدو أن لا أحد من الأطراف اللبنانية الفاعلة وامتداداتها الإقليمية والدولية لها مصلحة بذلك. بعد أن تمت المصالحة العربية- العربية، واخذت شكلها التقليدي، فمن العبث المراهنة على تغيير ديمقراطي حقيقي في لبنان، المطروح الآن هو لفلفة الأوضاع إسرائيليا وأمريكا وفرنسيا، ولا ننسى أبدا أن القيادة السياسية السورية لن تتخلى مطلقا عن تحالفها مع إيران، ومن أوهموا الناس بأنهم يحاولون فك هذا التحالف، هم أنفسهم لا يصدقوا ما يقولونه.
لأن القيادة السورية، تعرف أن مصالح الغرب واستراتيجياته متغيرة، ووسائل تحقيقها أيضا متغيرة تبعا، لمجموعة من العوامل الدولية والإقليمية والداخلية في دول الغرب، وما تعنيه العملية الديمقراطية في تلك الدول، بينما إيران حليف ثابت لا يتزحزح.
وكما كان حزب الهإ ضامنا لسياسة سورية في لبنان بعد خروج الجيش السوري، فالنظام في دمشق، لن يقدم على تسليم ورقة حزب الله، لمستقبل غير مضمون النتائج، ونقلت صحيفة الأخبار الآلهية عن القمة أن” الرئيس الأسد قال للملك السعودي، مؤيداً موقف “حزب الله”: “لن ترضى المقاومة في لبنان بالمحكمة الدولية، وهي تتهمها باغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري. وإذا كان هناك إصرار على المضي في المحكمة الدولية، فإن المقاومة ستواجهها لأنها تستهدفها، ونحن نجد المقاومة خطاً أحمر لن نسمح باستهدافه”. هذا تلخيص للموقف السوري الآن.
وهذا تفهمه إسرائيل جيدا، وتتفهم خصوصية النظام في دمشق، ولكنها أيضا لا تريد أن يكون حزب الله خارج النفوذ السوري، أما لجهة الفتنة في لبنان، فهي أيضا ليست هما إسرائيليا ولن تكون. نحن ندرك أن اللوحة معقدة، ولكننا أيضا ندرك أن البحث عن أولوياتنا كمعارضة ديمقراطية سورية في ظل هذه اللوحة هو الأهم، لأننا بالمقابل رغم كل ما جرى لازلنا “السوري” بنظر معظم التيارات والقوى اللبنانية، مهما كان موقف هذا” السوري” من الساحة اللبنانية.
ايلاف