المخاطر السياسية الرئيسية الجديرة بالمتابعة في سوريا
رويترز
شقت سوريا طريق العودة الى حظيرة المجتمع الدولي بعد سنوات من العزلة لكنها مازالت تواجه تحديات سياسية واقتصادية في ظل سعيها لتحسين علاقاتها مع الغرب والتمسك بانتهاج خط متشدد ضد اسرائيل.
وأثارت الاتهامات الاسرائيلية في ابريل نيسان بأن سوريا ارسلت صواريخ سكود بعيدة المدى لجماعة حزب الله شبح تجدد الصراع بين البلدين العدوين كما ان علاقات سوريا مع طهران يمكن أن تجرها الى مواجهة أوسع بشأن البرنامج النووي للجمهورية الاسلامية.
التحدي الاخر يتمثل في الاقتصاد حيث مازالت العقوبات الامريكية المفروضة على سوريا لدعمها حزب الله تعرقل الجهود المبذولة لرفع مستويات المعيشة وايجاد فرص عمل للسكان الذين يتزايدون بسرعة حيث يبلغ معدل زيادتهم 2.5 بالمئة في العام.
فيما يلي المخاطر السياسية الرئيسية الجديرة بالمتابعة في سوريا:
* سوريا واسرائيل
قالت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون ان مسؤولين أمريكيين أثاروا قضية نقل أسلحة متطورة الى حزب الله مع الرئيس السوري بشار الاسد الذي “يتخذ قرارات يمكن أن تعني الحرب أو السلام بالنسبة للمنطقة.”
وحذر وزير الخارجية الاسرائيلي في فبراير شباط من أن دمشق ستهزم وسيفقد الاسد السلطة في اي نزاع قادم. ويقول دبلوماسيون في العاصمة السورية ان اسرائيل نقلت عدة رسائل للنظام الحاكم في سوريا مفادها ان سوريا تخاطر بشن هجوم اسرائيلي بسبب امدادات السلاح لحزب الله.
وردت سوريا علنا بأن المدن الاسرائيلية يمكن ان تتعرض للهجوم في أي حرب لكنها قالت في وقت لاحق ان سعيها للسلام مع اسرائيل مازال يمثل أولوية.
ورغم ان حدوث خطأ في الحسابات مازال أمرا واردا فانه ليس من مصلحة أي من الجانبين شن حرب خاصة في ظل ادراك سوريا للتفوق العسكري الاسرائيلي واطمئنان اسرائيل لان سوريا حافظت على هدوء الجبهة في مرتفعات الجولان منذ وقف اطلاق النار عام 1974.
وتم التوصل لوقف اطلاق النار بعد عام من شن اسرائيل حربا منيت بالفشل لاسترداد الهضبة ذات الاهمية الاستراتيجية التي احتلتها اسرائيل عام 1967.
ولم ترد سوريا في عام 2007 عندما هاجمت طائرات اسرائيلية مجمعا في شرق سوريا قالت وكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي.اي.ايه) انه موقع عسكري. ونفت دمشق ان يكون الموقع منشأة نووية.
ما تجدر متابعته:
– زيادة التوتر بين اسرائيل وحزب الله مما قد يؤدي الى ضربة اسرائيلية محدودة لسوريا. يمكن أن تهاجم اسرائيل ما يمكن أن تصفه بامدادات أسلحة مشتبه بها لحزب الله لاجبار دمشق على أن تفكر مرتين قبل دعم الجماعة.
قد لا ترد سوريا على هجوم اسرائيلي منفرد لكنها ستجد من الصعب عليها الوقوف مكتوفة الايدي اذا ضربت اسرائيل مواقع مهمة.
– الموقف الامريكي: قالت سوريا انها راغبة في العمل مع الولايات المتحدة في احتواء عبور المتمردين الى العراق وقد لا تكون واشنطن راغبة في تقويض هذا التعاون من خلال دعمها لهجوم اسرائيلي على سوريا.
تسبب الجدل بشأن أسلحة حزب الله في تعليق اجراءات ارسال سفير أمريكي الى دمشق رغم ان مسؤولا في البيت الابيض قال في مايو أيار ان الولايات المتحدة تسعى لايجاد ما وصفه بعناصر معتدلة داخل حزب الله.
– المواجهة بين ايران وسوريا: قال مسؤولون سوريون ان صراعهم مع اسرائيل منفصل عن أي صراع بين ايران واسرائيل بشأن البرنامج النووي لطهران.
لكن اذا هاجمت اسرائيل الجمهورية الاسلامية فعندئذ يمكن أن يقوم مقاتلو حزب الله برد انتقامي لحساب الايرانيين الذين يدعمونهم. ويزداد خطر نشوب حرب اقليمية اذا مضت اسرائيل قدما في اتهاماتها ضد دمشق وتعرضت المدن الاسرائيلية لهجوم من جانب حزب الله للمرة الثانية منذ عام 2006.
استئناف محادثات السلام بين سوريا واسرائيل
قالت سوريا التي لها علاقات وثيقة مع ايران وحزب الله وحركة المقاومة الاسلامية (حماس) ان علاقاتها مع اللاعبين في منطقة الشرق الاوسط ستتغير في حال توقيع اتفاق سلام مع اسرائيل يعيد مرتفعات الجولان.
وأبدى بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي اهتماما بالتوصل لسلام مع سوريا الا أنه رفض مطلبها الاساسي باعادة مرتفعات الجولان. أما وزير دفاعه ايهود باراك فقال ان هذا الثمن يمكن دفعه من أجل كبح ايران.
وانهارت اربع جولات من المحادثات غير المباشرة بين سوريا واسرائيل توسطت فيها تركيا في ديسمبر كانون الاول 2008 أثناء الغزو الاسرائيلي لقطاع غزة. وقال الاسد ان الجانبين كانا قريبين من احراز تقدم كبير.
ما تجدر متابعته:
– التحركات التركية. تكتسب أنقرة نفوذا في الشرق الاوسط بعد أن عززت العلاقات التجارية والسياسية مع الكثير من الدول العربية في الاعوام القليلة الماضية.
– دور الولايات المتحدة. تقول الولايات المتحدة انها تسعى الى اتفاق سوري اسرائيلي في اطار اتفاق للسلام الشامل في الشرق الاوسط وربما تتحرك واشنطن بقوة اكبر على المسار السوري اذا استمرت جهودها لعقد اتفاق بين اسرائيل والفلسطينيين في التداعي لكن سيكون على دمشق تهدئة المخاوف الامريكية بشأن نقل الاسلحة المشتبه به لحزب الله.
محكمة الحريري
قد تضع محكمة أنشأتها الامم المتحدة لمحاكمة المشتبه في ضلوعهم باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري عام 2005 ضغطا على سوريا.
وأشار تحقيق الامم المتحدة في اغتيال الحريري في البداية الى ضلوع مسؤولين سوريين ولبنانيين غير أنه فيما بعد أحجم عن الكشف عن مزيد من التفاصيل بشأن ما توصل اليه.
ونفت سوريا المزاعم بضلوعها لكن اغتيال الحريري أثار موجة غضب دولية أجبرت دمشق على انهاء ثلاثة عقود من الوجود العسكري في لبنان.
كما تحركت دمشق أيضا لدعم حزب الله بعد ان نقل زعيم الحزب حسن نصر الله عن سعد الحريري رئيس الوزراء اللبناني ونجل رفيق الحريري قوله ان المحكمة ستوجه اتهاما لاعضاء في حزب الله.
وقال وليد المعلم وزير خارجية سوريا ان اتهام حزب الله يعني “استهداف سوريا”.
ما تجدر متابعته:
– اذا وجهت المحكمة الاتهام لاي مسؤول سوري في حادث الاغتيال فمن المرجح أن يؤدي هذا الى تجدد الضغوط على الاسد ويقضي على الخطوات التي اتخذها مؤخرا لانهاء العزلة الدولية لبلاده. ولمح الاسد الى أن المحاكم السورية هي وحدها التي تستطيع محاكمة اي مشتبه به سوري في حادث الاغتيال.
– توجيه الاتهام لاعضاء في حزب الله يمكن أن يجدد حالة عدم الاستقرار في لبنان مما يدفع القوى الغربية لخطب ود سوريا مرة أخرى لوقف اي تداعيات خطيرة.
الاقتصاد السوري
اتخذت سوريا اجراءات لرفع القيود عن قطاع الاعمال بعد تطبيق سياسات اقتصادية ترجع الى عهد الاتحاد السوفيتي السابق أثبتت فشلها وتأمل في جذب 44 مليار دولار او 83 بالمئة من ناتجها المحلي الاجمالي كاستثمارات بالقطاع الخاص على مدى الاعوام الخمسة القادمة للمساعدة في اصلاح البنية التحتية المتهالكة.
وأسهمت العقوبات الامريكية التي فرضت على سوريا عام 2004 لدورها بالعراق ولدعمها حزب الله وحركة حماس في قلة الاستثمارات الغربية.
والى جانب جفاف في شرق سوريا جعلت العقوبات التحدي لرفع مستوى المعيشة وتوفير فرص عمل للسكان اكثر الحاحا بالنسبة للحكومة.
ما تجدر مراقبته:
– الضغوط الاقتصادية. ربما يؤدي المزيد من مواسم الحصاد السيئة وارتفاع نسبة البطالة التي تبلغ رسميا عشرة في المئة مقابل تقديرات غير رسمية تبلغ 25 بالمئة الى اغراء الحكومة بالسعي لاحراز تقدم في مجالات أخرى من بينها استئناف المحادثات مع اسرائيل.
– ربما يكون لابرام اتفاق مع اسرائيل أثر ثانوي على مشاعر رجال الاعمال واحتمال التدفق الكبير لرؤوس الاموال من الخارج ومن المغتربين.