مواطنون أم مسلمون؟
غسان المفلح
قبل البدء نقدم تعازينا للأصدقاء في جماعة “الاخوان المسلمين” في سورية, على وفاة رمز من رموزهم التاريخيين الأخ عدنان سعد الدين المراقب الأسبق للجماعة, الذي توفي بالأردن ودفن فيها بعيدا عن أهله, لأنه محكوم عليه بالإعدام في وطنه سورية. كما نبارك للأخ رياض شقفة, بانتخابه مراقبا عاما جديدا للجماعة, خلفا للسيد علي صدر الدين البيانوني, وذلك في اجتماع مجلس شورى الجماعة, والذي سنناقش بعضا مما ورد في بيانهم الختامي .
أول الكلمات في البيان” تمر أمتنا..” استوقفتني هذه العبارة وتابعت فوجدت أن الحديث عن أمة إسلامية, ولم أجد في البيان كلمة واحدة عمن يعيش في كنف هذه الأمة من غير المسلمين, ومن غير السنة, والحديث الوحيد عنهم وخصوصا غير السنة, هم أصحاب مشاريع طائفية, اعتقدت أن الحديث يدور عن سورية, فوجدت أن الحديث يدور عن العراق,وعن أفغانستان, أما عن سورية فما وجدته هو عبارة عن إنشاء عابر له جانب حقوقي في قضية المعتقلين, حتى قضية الجولان, تم تناولها من خلال العودة إلى خطاب أن صراعنا مع إسرائيل هو صراع مصير, أي صراع وجود. وتابع الحديث عن غزة. الأسطوانة ذاتها, والتي سبق وناقشناها كثيرا كما ناقشها غيرنا من المهتمين بالشأن السوري, وتبين تهافتها.
تحولت غزة إلى بؤرة مولدة للخطاب السياسي الإخواني لسبب بسيط, وهو أن غزة محكومة من حركة “حماس”, ولا سبب آخر يمكن أن يظهر في خطاب الجماعة, دعم “حماس” وهي في الحكم. وأي حكم?
تراجع مريع عن الخطاب الأخواني في مشروعهم لمستقبل سورية. لا وجود لدولة مدنية ولا لديمقراطية ولا لتعددية سياسية وفكرية, والأطرف من كل هذا وذاك, ان النظام الآن يهاجم الإسلام? أين تم ذلك وكيف, وهل منع منقبات منعا ارتجاليا من دخول الجامعة يعد هجوما على الإسلام? هل تبنى “الإخوان” أن النقاب فرضا إسلاميا أم سنة, باعتبارهم هم حماة السنة? لا اعرف…النظام لم يقترب من الحجاب, وأيضا لم يقترب من النساء المنقبات, كل ما فعله, هو خطوة في سياق سياسي, واضح للجميع, ألم يخرج مفتي سورية السيد بدر حسون, وعلق على الخطوة رافضا لها, وهل المفتي شخصية مستقلة عن النظام السياسي?
ثم ولا كلمة واحدة, عن موقفهم هل مازالوا معارضة, أم ما زالوا معارضة مع وقف التنفيذ تناسبا مع قرارهم تعليق معارضتهم للنظام كرمى لعيون أردوغان وخالد مشعل أقصد كرمى لعيون غزة أليس مطلوبا توضيحا إلى أين ماضية القيادة الجديدة? رغم أن البيان يقول حرفيا لقد حسمت القوى الكبرى أمرها وموقفها تجاه النظام السوري: الاستقرار لا الاستبدال, والاستمرار ولو بالاستبداد!” طيب مادام قوى الشر التي هي القوى الكبرى حسمت موقفها بدعم استقرار النظام, وهي تلك القوى التي تتجبر على الإسلام كما يقول البيان في أكثر من مكان, ألا يقتضي هذا موقفا من” المعارضة مع وقف التنفيذ?
وأكثر ما لفت نظري في هذا المقطع, هو كلمة ولو” هذه التي توحي أن الوضع ليس بالاستبداد, ولكن إن اقتضى الأمر ذلك فيمكن أن يستخدم الاستبداد! البيان توليفة غير موفقة مطلقا, لأنهم بعد قليل يؤكدون على استبدادية النظام…طيب مفهوم ولكن كيف يكون الرد على الاستبداد? هذا ما لم نلمسه في البيان الختامي, مع أن مواجهة الاستبداد أولوية وطنية لا مراء فيها, وبغض النظر عن الطرق والآليات.
أين الحديث عن دولة المؤسسات والقانون والديمقراطية? وأين مفهوم الدولة المدنية? كلها أسئلة سنتركها لمقالات مقبلة, ولكن أحببنا أن تكون البداية كنوع من المدخل لحوار أعمق.