صفحات من مدونات سورية

في دُنيـــا الأطفــال

في إحدى مواد الفصل الدراسي السابق , كان علي أن أدرس أطفالا في المدرسة الابتدائية بحضور مشرف من الكلية , وأن أنال استحسانه في الأداء كي أجتاز تلك المادة ,
حضّرت درسا  عن الزراعة في مادة الجغرافيا لطلاب في الصف الخامس
كنت متوترة بعض الشيء لأدرس ل 45 طالب و للمرة الأولى وبحضور المشرف
حاولت قدر المستطاع الإلمام بجميع عناصر الدرس  , ورغم ذلك كانت تأتيني أسئلة من الطلاب لا يمكن أن تخطر ببالي أو ببالكم أبدا
سار الدرس بشكل جيد جدا , وأحببت التجربة لدرجة كبيرة جعلتني سعيدة لأيام عديدة
بصدق تعلمت من هذه التجربة من الأطفال كما تعلموا مني وربما أكثر
أكثر ما تعلمته هو فتح الأفق لكل شيء بتجرد عن الواقع
فللأطفال خيال أوسع , ودماغ منفتح أكثر قادر على طرح تساؤلات مفيدة حتى وان كانت تبدو لنا غير واقعية
فنحن فقدنا جزءا لابأس به من خيالنا وانفتاحنا بالواقعية التي منحتنا إياها تجارب الحياة
بعضها لسنا قادرين على استعادتها ابدا
..
وصلتنا منذ مدة بطاقة دعوة لحضور حفل زفاف , كان مكتوبا على البطاقة  جملة : ” أنت مدعو “
ابنة أختي في الصف الأول أي تعلمت قراءة الجمل حديثا , سألتني : كيف يرسلون بطاقة دعوة ناقصة الحروف
سألتها وما الناقص فيها ؟ قالت لي  ما معنى كلمة مدعو ؟
من المفروض أن تكون الجملة ” أنت مدعوم ” وأنّ الكلمة ينقصها حرف الميم
ضحكت بشدة حينها , هي لا تعرف كلمة مدعو ” لكنها تعرف ” مدعوم “” !
وبحادثة مشابهة سألت أولئك الأطفال الذين درستهم مرة في محاولة لتعزيز قيمة الفلاح في نفوسهم
برأيكم أي عمل أهم , عمل الفلاح أم عمل الطبيب ؟
غالبية الاجابات كانت تناصر عمل الطبيب
سألت أحد الأطفال : لماذا الطبيب ؟  فأجابني لأنه يجني نقودا أكثر
وتعجبت كيف أنّ حتى أطفال الثامنة  أو الحادية عشرة من عمرهم مثقفين ( بفضل المجتمع طبعا )
بمصطلحات ” الدعم والواسطة والنقود  ” , أكثر من باقي المصطلحات
..
سألت أطفالا عديدين في دراسة مسحية خاصة أجريتها 😀
ماذا تفعلون لو كنتم مسؤولين عن بلاد العالم كافة ,
أي أنت كسيد للعالم ماذا تفعل ؟
بصراحة حصلت على إجابات كثيرة ورائعة ومضحكة في آن معا
أجابني أحد الأطفال أنه سيقضي على اسرائيل تماما ويحرر العالم
وأخر أجابني انه كلما رأى أحدا يتشاجر ” رح يصالحهم “
وإحداهن قالت أنها ستشتري سيارات حديثة وتوزعها على الفقراء
و أخرى أنها ستنشئ شركة كبيرة ليعمل بها كل الناس ومشفى كبيرة لكل الناس , وبيوت لكل الناس “…….
وبقيت عشر دقائق تعدد ممتلكات لكل الناس
من قال أن الأطفال ينقصهم الذكاء السياسي ؟
أليست تلك الاجابات بعض اساسيات العمل السياسي الصالح موجودة في الفطرة وضائعة في الواقع ؟

ابنة اختي  الصغيرة في عامها الأول , منذ أيام كانت تلعب في غرفتي وأوقعت تمثالا عزيزا على قلبي وكسرته
نهضت ونظرت إليها بعصبية , وقبل أن أفعل أي شيء , أرسلت لي قبلة بالهواء
كنت في لحظة غضب , وبذكائها الطفولي لم أستطع أن أفعل شيئا سوا أن أبادلها القبلة بقبل عديدة !.
..
ما أجمل الأطفال !
كثيرا ما أفتقد أن أكون طفلة
فبالإضافة لأصابعهم الصغيرة الجميلة , وضحكاتهم الصادقة , ورائحتهم الندية
ذكائهم ,ابتكاراتهم , خيالهم , عفويتهم وفطرتهم الطيبة
لديهم قدرة كبيرة على النسيان والمسامحة أتمنى لو أملكها
ولدينا تجاههم قدرة جبارة على الغفران , نتمنى لو يمتلكها الآخرون تجاهنا
ألم يقل نزار قباني مرة :  ” نحبهم .. مهما لنا اساؤوا “

http://dmdoom.wordpress.com/

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى