صفحات الناسهيام جميل

صلوات سورية

null
هيام جميل
ينهمك السوريون هذه الأيام بالدعاء و الصلاة، في الأوقات الخمسة كما في النوافل، فتراهم صائمين مستبشرين في النهار، قائمين الليل، خاشعين في صلاتهم، شابكين أيديهم، متوجهين بقلوبهم نحو مكان واحد.
السوريون لا يتجهون في صلاتهم نحو الكعبة كما قد تعتقدون، ولا علاقة لصلواتهم وتعبدهم بالمد الديني في سورية، فصلاة بعض الملحدين منهم قد تكون أكثر خشوعا من صلاة بعض المؤمنين.
ورغم أنك لا تكاد تصعد في تكسي أو سرفيس حتى تسمع داعية دينيا يكاد يبكي و “ينشم” مولولا، غير أن السوريين في الغالب لا يهتمون لهذه الأحاديث الدينية لشدة انشغالهم بصلاتهم التي يتلونها أينما ذهبوا، طوال ساعات الليل والنهار، وتختصرها كلمة واحدة يلهجون بها “المنحة”
ومع طباعة العملات الورقية الجديدة وتعليق صور كبيرة لها على مبنى بنك سورية المركزي أصبح هذا المكان مقصد صلاتهم وكعبتهم الجديدة التي يتوجهون بقلوبهم صوبها، وجيوبهم الفارغة عامرة بالشوق لعملة من أية فئة.
ويضاف إلى المصاعب المالية التي يعانونها هذه الأيام انخفاض القيمة الشرائية بمقدار 35% خلال السنوات الأربع الماضية نتيجة انخفاض دخل الفرد في سورية وارتفاع الأسعار الجنوني.
ورغم الموسم الرمضاني وبدء افتتاح الموسم المدرسي و “تعباية المونة” فإن الأسواق تبدو مقفرة ليلا نهارا، في الشمس الحارقة كما في الليل اللطيف.
ومما زاد في حاجة السوريين للصلاة من أجل الحصول على منحة قبل عيد الفطر، التصريحات الأخيرة للسيد وزير المالية محمد الحسين كما تصريحات سبقتها للسيد محمد ناجي عطري رئيس مجلس الوزراء حول عدم وجود نية لزيادة الرواتب والأجور للمواطن السوري الذي لا يرى التلفزيون السوري إلا حين صدور زيادة الأجور.
حتى أن وزير الزراعة السوري، الذي صرح مؤخرا وسط موسم الجفاف الرهيب بقرب التحول من زراعة القطن إلى زراعة الرز، قد زاد من الوحدة الوطنية حيث جعل بتصريحه ذاك جميع السوريين يرفعون بأيديهم سوية للسماء ساحبين دعواهم السابقة بزيادة الرواتب والأجور لمصلحة طلب تظلم جماعي بإيقاف هذا المشروع المدمر، رأفة بأوضاعهم، غير أن الطلب جاء مع الحفظ وأودع أدراج السماء.
ولم يبق أمام السوريين إلا تقديم طلب استرحام من أجل نيل منحة قد تكون كمطر آخر الصيف، فتنعش الأمل الذابل في قلوبهم بسد رمق أطفالهم.
غير أن الطلب لم يقدم هذه المرة إلى السماء، بل تم تسجيله في تقارير سرية من قبل الملائكة الخاصة بالسوريين من دون جميع عباد الأرض، والتي كلفت بمراقبتهم وتسجيل حسناتهم وسيئاتهم كما أصغر همساتهم.
فانتبهوا أيها السوريون، فإن لم تستجب صلاتكم فلن تستطيعوا لا الاعتراض ولا التململ يأسا، كل حركة وكل سكنة تسجل لآخرتكم التي تشير جميع المصادر إلى أنها نار فقط، دون جنة.
والسوريون فريقان: من يكتوي بالنار ومن ينتظر على رصيفها معتبرا..
فمتى تكفرون؟
كلنا شركاء

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. إذا هابت الأمة أن تقول للظالم يااااااااااظاااااااااالم فلا خير فيها – وكلما كثر الذين يقولون للظالم ياظالم فقد كثر الخير في الأمة والعكس صحيح — وعلى السوريين أن ينظروا في مجتمعهم كم من الناس يجرؤ أن يقول لبشار الأسد إن أبوك قد أضاع الجولان وهو وزير الدفاع ثم نسيها حتى فارق الدنيا فهل أنت أهل لإعادتها لنا ومتى يكون ذلك هل بعد 30 سنة أخرى – كلما كثر الذين يقولون للظالم ياااااااااااظاااااااااااااااالم كلما اقتربنا من أن نصبح من الدول الراقية الديمقراطية التي ينعم شعبها بالحرية والحياة الكريمة – والعكس بالعكس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى