صفحات الناس

العيش بالتقسيط ، للآسف أنا إنسان..

null
برادوست آزيزي*
سبع سنوات أمضيها في هذه المنفى الذي لا يشبه كل المنافي ، لا أدري هل أنا في منفى حقيقي أم أنا في حلم ؟ .. لا يهم.. لا يهم ..لم يعد شئياً يهمني فليكن كابوساً  ينهك جسدي الهالك في زمن أصبحت إنسانيتنا  برسم البيع و في أسواق التجارة الإنسانية الحرة ..
سبع سنوات و لا أملك هوية بشرية تثبت وجودي ، لايهم أيضاً لأننا نعيش في زمن الإستثناء تحول فيه هذا العالم إلى معتقل كوني يشمل البلدان و المحيطات و الانهار و ما يميز هذا المعتقل عن غيره إن الأسماك و السلاحف و الطيور أيضاً تشاركنا في الهم و الغم ، هي أيضاً تعيش الإستثناء ، لكنها لا تأبى المنافي مثلنا.. الطيور تساند السماء لتحميها من الإنشقاقات  و الأسماك  تدفع الأنهار لتغذي أرواحنا من جديد..  السلاحف وحدها تختبئ في قوقعتها عندما تعجز عن السير..
بعد الآن لن أحمل هوية و سأبقى مجهول الاسم ، المهم أني ما زلت أعيش و أن سألوني عن بلدي سأقول لهم ، إنه حمل نفسه و رحل و أنتظر عودته ، أن سألوني عن لوني ، سأقول لهم إن السماء زرقاء و إن سألوني عن هويتي في مراكز التحري سأقول لهم إن الأسماك لا تحمل معها هوية لكي يشق النهرطريقه إلى أرواحنا و يستمر بالجريان..
أنا اللاموجود ، لا وجود لي أمنحوني أسماً على ورقة بيضاء أو خرقة قماش أو منديل أو على صخرة أحملها معي رغم ثقلها ، لأقول لهم : هذا أنا ، أنا موجود ، أنا أعيش ، أنا إنسان ، لو كنت سلحفاة لاستطعت أن أختبئ في قوقعتي تفادياً  لمن يسأل عن هوية إثبات وجودي.. لكن للآسف أنا إنسان..
هنا في دائرة الإقامات الإنسانية كل شئ على ما لا يرام أنتظر لساعات لأيام ورقة يكتب فيها : يحق له المكوث لثلاثة أشهر إضافية مع اسم يثبت وجودي و كأنني أعيش بالتقسيط و إنتظر رحمة العيش من موظف ذو كرش كبير  ، للآسف أنا إنسان.
ملفي الكامل في دائرة الإقامات و الذي يحتوي على وثائقي و صوري مع عدد الإقامات التي حصلت عليها في فترة السنوات السبع، تكفي للقيام بمعرض هويات بعنوان “العيش بالتقسيط” ، للآسف أنا إنسان.
هذه المرة أُغلق الملف و لا يسع لمنحي إقامة إنسانية اخرى و سأكتب اسمي على صخرة كبيرة أحملها معي إينما ذهبت كي أقول لهم : هذا انا و هذا اسمي و لا أريد بعد الآن العيش بالتقسيط إلى أن أجد  منفى آخر..

كردي سوري منفي  و يعيش في كردستان العراق.. للآسف..
خاص – صفحات سورية –

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى