صفحات الناس

بلا مثوى أو ماء أو كلأ..! “موائد البعث” تخلف “موائد الرحمن” في رمضان

null
للسنة الثانية على التوالي، يمرّ شهر رمضان المبارك على المسلمين في سوريا مسلوباً من حلّته البهيّة “موائد الرحمن”، التي درجت العادة في الأعوام الأخيرة على إقامتها خلال الشهر الفضيل لتكون عوناً للفقراء والمحتاجين ممّن سلبتهم الطبقة الحاكمة أدنى مقومات الحياة “لقمة العيش”..
في العام الماضي أقدمت وزارة الأوقاف على إيقاف طقس “موائد الرحمن” في الجوامع والساحات العامة بذريعة امتهانها للفقير، غافلةً عن أنّ امتهان الفقير كان يتمّ من قبل عناصر حفظ النظام الذين يشهرون هراواتهم ويعملونها في أجساد أولئك المستضعفين لحظة تدافعهم الناجم عن غياب التنظيم والذي تتحمّله الوزارة إياها… فضلاً عن أنّ هذا الامتهان الذي تذرعت به الوزارة لإيقاف طقس الموائد لا يُقارن بالامتهان الذي كان يسبّبه النقل التلفزيوني المباشر لأولئك المحتاجين وهم يتناولون إفطارهم، متجاوزةً فضائل الإسلام في الصدقة، تلك التي لا تعلم شِمال المرء ما أعطت يُمناه..!.
لا بديل لاحَ في الأفق بعد إلغاء موائد الرحمن، ويبدو أنّ هذا ما يروق للبعث، فليس أفضل عنده من امتناع السوري عن الطعام والشراب بين الشروق والغروب، ليُضاف إلى امتناعه الدائم عن الكلام خلال حقبتي الابن وأبيه، و”ابن أبيه” كان لا يوفر موائد الرحمن من طبله وزمره، إذ في الموائد السابقة كان يرسل زبانيته إلى تلك الموائد ليباركوا صيام الفقراء ويوهموهم أنّ ما يتناولونه “مكرمة أسدية” بشكل يحتمل الكثير من الصفاقة لاسيّما وأنّها الموائد كانت تتمّ بتبرعات من مقتدري سوريا تجاراً وصناعيين..
لعلّ مَن يجول في دمشق هذه الأيام يلاحظ انتشار طقس جديد من الموائد، موائد بديلة لموائد الرحمن، إنها موائد البعث، حيث لا ماء.. لا طعام.. لا مثوى.. إنها موائد مفتوحة في الحدائق العامة حيث يفترش الفقراء والعمال، ممّن لا مكان يأويهم، عشب الحدائق ويقتاتون على ما وصل إليهم من أهل الخير، يفعلون ذلك على مرأى “الرئيس المؤمن” و”المعطاء” دون أن يرفّ له أو لزبانيته جفن أو رمش أو وجدان..
وعلى الضفة الأخرى تجد أنماطاً من التشرّد تطبع شهر رمضان، فإثر درجات الحرارة المرتفعة وفترة الصيام الطويلة، انكفأ الناس داخل بيوتهم مما جعل مهمة المحتاجين (المتسولين) بالغة الصعوبة في تأمين بضع ليرات يقتاتون بها، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أنّ خطط وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل الخاصة بأوضاع هؤلاء مؤجّلة في المدى المنظور وحتى غير المنظور..
نداء سورية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى