الجواد ميت و”الإسرائيليون” سعداء
سعد محيو
هل يمكن لدخول البُعد الإقليمي العربي على خط المفاوضات الفلسطينية “الإسرائيلية”، أن يحوّل حصان التسوية الميت إلى جواد نشط أو على الأقل قادر على المشي؟
الكاتب الأمريكي توماس فريدمان، الذي كان اقترح مبادرة تسوية إقليمية عربية تبلورت في ما بعد في شكل خطة السلام العربية العام ،2002 يعتقد الآن أنه سيكون بالفعل لهذا الدخول مثل هذا التأثير . وهو يقترح، على وجه الخصوص، أن يقوم العاهل السعودي الملك عبدالله بدعوة بنيامين نتنياهو إلى الرياض للبحث معه وجهاً لوجه في مسألة اعتراف 22 دولة عربية ب “إسرائيل” مقابل قيام الدولة الفلسطينية .
ولكي يُسبغ فريدمان على هذا الاقتراح نكهة مغرية، أشار إلى أن هذه الزيارة “قد تفجّر حربين أهليتين صغيرتين في كل من المعسكرين الفلسطيني و”الإسرائيلي”، ما سيسهّل ولادة التسوية النهائية” . هذا من دون أن ينسى أيضاً التحذير هو الآخر، كما فعلت هيلاري كلينتون، من أن احتمال فشل هذه المفاوضات سيعني نهاية خيار الدولتين .
لكن، هل هذه الضجة الكبرى المحتّمة، تعني أنه سيكون ثمة محصلات سياسية محتّمة على الأرض لهذا التدخل الإقليمي العربي؟
هذا السؤال يمسك بخناق سؤال آخر سابق عليه: هل “الإسرائيليون” على استعداد لإبرام تسوية عادلة في الضفة وغزة مقابل السلام الإقليمي؟ وهل هم بالأحرى راغبون في أن يكونوا دولة طبيعية في شرق أوسط طبيعي، لا أن يكونوا صفحة من صفحات تاريخ الإمارات الصليبية التي فرضت بالسيف والدم على شعوب المشرق في القرن الثاني عشر؟
الدلائل منذ العام 2002 وحتى الآن تشي بأن كل ألوان الطيف السياسي “الإسرائيلي” أطلّ على مبادرة السلام العربية كونها تدخلاً في “الشؤون الداخلية” “الإسرائيلية”، من شأنها تشجيع الفلسطينيين على رفع سقف مطالبهم إلى ما فوق ماتعرضه هي عليهم (دولة بلاسيادة تعج بالمستوطنين والمربعات الأمنية) . وهم بذلك غلّبوا، ومن دون تردد، صغائر الأساطير التلمودية في الضفة على أحلام سلام إقليمي شامل ينهي، أو على الأقل يُجمّد، صراعاً بين العرب واليهود ناهز عمره المئة عام .
علاوة على ذلك، “الإسرائيليون” لم ينجحوا بعد في الخروج عن السكة التي سارت عليها الإمارات الصليبية، والتي فشلت هي الأخرى في أن تكون دولة لكل مواطنيها، وليس للمسيحيين فقط . إنهم يطالبون هذه الأيام بأن تكون دولتهم يهودية كما كانت الدول الصليبية مسيحية . وهذا لن يحل الصراع بل سيعيده 60 سنة إلى الوراء . إلى نقطة الصفر العام 1948 حين كانت السيطرة الفعلية على الأرض بالقوة هي التي ترسم الحدود والخطوط للدولة والمجتمع .
ثم، وفوق هذا وذاك، لايشعر “الإسرائيليون” في هذه المرحلة بأي دافع للاندفاع نحو السلام . وهذا ما كشف عنه الغلاف الأخير لمجلة “تايم” الذي أشار إلى أن هؤلاء أكثر اهتماماً بما لايقاس بجني المال ومتع الحياة من السلام مع الفلسطينيين .
الخليج