ثلاثةُ جنودِ بأخفافِ رياضية
حازم العظمة
كأنها المدينةُ غيرُ هذهِ:
الشوارعُ الفسيحةُ
والساحاتُ
والأبراجُ
…بينها رافعاتٌ نحيلة
كأنْ من سنين توقفت ْهنا…
كأنها المدينةُ غيرُ هذه
أو كأنهُ
هذا الجزء من المدينة لا تعرفُهُ:
الدرّاجون َ
متمهلينَ في الساحة ِ
أو على الرصيفِ
الأمهات ُ
على الرصيفِ،
كأنهنّ في نزهةٍ،
يربطن شعور بناتهن َّ
سائقو الحافلاتِ
وادعينَ
ينتظرون َ
في الحافلاتٍ الصغيرة البيضاء
ثلاثة ُجنودٍ
بأخفافٍ رياضية
مسرعينَ
ووادعينَ
جميلاتٌ
صُحبةَ أمهاتهنّ
يتمهّلنَ أمام الواجهاتِ الزجاجِ
ويبتسمن َللعابرينَ ،
فتتمهلُ أنت أيضاً
أمام الواجهاتِ الزجاجِ…
أعشابٌ لا تعرفها
في رفوفٍ ،
معاجين ومراهم ُفي صفوفٍ
وجذورٌ ملونةٌ
لا تعرفها
دُمى المخازنِ
وقفنَ هكذا ،
وراء الزجاجِ،
ويرفعن يداً واحدةً
كأن في احتجاجٍ ما
الكوّاؤونَ
في المداخل العتيمةِ
وراء البخارِ
مبتسمين َ
أو أمام الدكاكينِ
ميكانيكيّو المراجلِ
منحنينَ
على ألهابٍ زرقاء َ
يحولونها صفراء َ
…….
………
قُمرياتٌ
في الوقت ذاته ،
لا بدَّ،
تحت شمسٍ مائلةٍ
يهدُلنَ في بساتين الليمون
اسْقُمرياتٌ
في شاطئ المتوسطِ
يتقلّبن في الخلجانِ الكُحليةِ
تحتَ شمسٍ مائلةٍ،
هي نفسها،
لا بدَّ
…
يونانياتٌ..
من مرتفعاتٍ على المتوسط
بأثوابَ طويلةٍ بيضاء
يَحِكنَ أخضر “دِلفي”
بقمصانِ الغروبِ
…….
…….
كأنه هذا الجزء من المدينة
لا تعرفه ُ
وأنه هكذا كان خَفيَ عنك َ،
كل هذي السنينِ ،
… وأنك الآن
وجدتُكَ هنا
في صُدفةٍ ما
… في خطأٍ ما أحببتهُ
فرُحتَ تعيد هذا من أوله :
… ثلاثة جنودٍ بأخفافٍ رياضيةٍ
مسرعين َ
… الكوّاؤونَ أمام البخارِ
مبتسمين َ
سائقو الحافلاتِ
ميكانيكيو المراجل…
المستقبل