ثقافة التحرش الجنسي
شارلوت بولين
شو هالحلو_ يا قطة_ دخيلو….، هل تعتبر هذه الكلمات مهينة بالنسبة لكِ؟ ماذا لو كان لهذه العبارات إيحاءات جنسية ولغة وضيعة؟. إن التحرش الجنسي لا يكون دائماً جسدياً ولكن وقعه واحد فهو يشعر المرأة بتعرضها للانتهاك، والأذى والقذارة. الشارع.. وسائل النقل.. الحرم الجامعي.. المقهى وحتى في المنازل، جميعها أماكن لا تخلو من التحرش الجنسي، والمشكلة أنه نادراً ما يبلغ عن هذه الحوادث مما يتيح لمرتكبيها الاستمرار في معاملة النساء بدون أي احترام لهن، في ظل مجتمع لا ينصف المرأة بتجاهله للمعاملة السيئة التي يقوم بها الرجال تجاه النساء….
ينظر للمرأة الوحيدة نظرات مريبة عادةً، فراكبو الدراجات المارين ولمساتهم لجسدها وأيادي المتسكعين في الباصات العامة، سائقو سيارات الأجرة ومحاولاتهم ملامسة أرجل الراكبات، التحرش في الشوارع، رجال يعرون المرأة بينما هي في الشارع ويطلقون العنان لمخيلاتهم في تحويل النساء إلى عاهرات يفترشن غرف أوهامهم.
تبدأ الحكاية عندما تصبح الفتاة بالغة وتستمر لبقية حياتها. هذه الأمثلة عن التحرش الجنسي أثرت في النساء السوريات والغربيات على حد سواء، محجبات كن أم غير محجبات، في مجتمع يدعي بأنه يرعى التنوع الثقافي المتعدد.
من المؤكد أن هناك موات مؤلم للاحترام الممنوح للمرأة، وخصوصاُ اللاتي يسافرن، فلا يُحترمن لكونهن مستقلات، مغامرات وقويات الشخصية، يلبسن خواتم زواج مزيفة ويتحدثن عن أولاد مزيفين ويسافرن في مجموعات ليتفادين الإزعاج والاهتمام غير المرغوب به مِن الرجال المحليين.
لا أبالغ عندما أقول بأن أحد أول الأشياء التي تشتريها النساء الأجنبيات في سورية هو مجفف الشعر، وذلك بسبب اعتقاد سائد لدى البعض بأن شعر المرأة الرطب يدل على أنها مومس أو خارجة لتوها من علاقة جنسية وهو واقع محبط و صادم، فلا أحد يرغب بأن يكون قد أسيء فهمه ثقافياً، و هنا يجب القول بأن عليهن محاربة التفكير النمطي عن الأجنبيات بأنهن سهلات وسريعات الانقياد وراء رغبات الرجل وهي الرسالة التي رسختها منذ عقود الأفلام والمجلات والبرامج التلفزيونية.
التحديق بالمرأة ونظرات الفضول هي صدمة كبيرة واجهت الأجنبيات في سورية. ولكن سرعان ما يلاحظ أن هذا الالتفات للمرأة هو ليس فقط للأجنبيات وإنما للمرأة بشكل عام. والمشكلة هنا عندما تصبح هذه النظرات غير مريحة وغير لائقة تجاه المرأة. ففي الأسابيع الأولى قد لا تلحظ السائحات أي تحرش جنسي, ولكن بعد فترى تدرك مدى ازدياد التحرش الجنسي وبشكل ملحوظ.
والمشهد الأشد حزناً هو رؤية نساء أخريات من حولنا يتعرضن للتحرش الجنسي، بينما النساء الأخريات لا يحركن ساكناً عندما يلحظن هذا الشيء وخصوصاً في الشارع، وبهذا تكون قد قبلت بسلوك هذا الرجل.
النساء بحاجة لمساعدة بعضهن، فأخرجي عن صمتك وأرفعي صوتك إذا تعرضت أنت أو غيرك لأي شكل من أشكال التحرش الجنسي.
هذا هو الواقع المتردي للمرأة اليوم، وبكل الأحوال هو ليس الرسالة التي تريد أي حكومة نشرها وتعميمها، فالتحرش الجنسي أصبح مألوفاً في مجتمعنا وذلك بسبب عدم الوقوف بوجه من يقدم على مضايقة النساء. وحدها الأفعال المهينة والعدائية ضد المرأة هي التي تسبب لك الصدمة، لذلك فإن توعية المجتمع حول حقوق المرأة ومحاولة تغيير الأفكار الشائعة هو أمر حاسم، ولكن قبل ذلك يجب علينا وضع بالتحرش الجنسي في خانة المشكلات الجادة و الاعتراف بوجوده بوصفه انتهاك خطير يواجه النساء في سورية.
أخيرا ستطلق مجلة الثرى حملة ضد التحرش الجنسي في سورية خلال المرحلة القادمة و في حال الرغبة في المشاركة الرجاء التواصل مع إدارة المجلة على البريد التالي:
ترجمة: سارة النداف
عن مجلة الثرى- العدد 249