لا دولة ديكتاتورية علمانية و لا ثيوقراطية ( دينية ) !
مجتمع حر دون دولة !
غين زيلي
النقاش عن الدين و العلمانية معقد بالفعل . إنه موضوع ذا جذور فلسفية
عميقة . من المستحيل أن نتأمل في كل تلك المناقشات في مقال قصير كهذا (
آمل أن أتمكن من فعل ذلك في وقت لاحق ) . لكن في هذا المقال أشرح لماذا
أنا ضد كل من هاتين الجبهتين .
يقول المدافعون عن الدولة العلمانية أن المدافعين عن الدولة الثيوقراطية
( الدينية ) سيقيمون دولة توليتارية ( شمولية ) و أنهم سيقمعون كل
الأفكار و المعتقدات التي لا تتوافق مع أحكام الدين .
إنهم يقولون الحقيقة .
يقول المدافعون عن الدولة الثيوقراطية ( الدينية ) أن هدف المدافعين عن
دولة علمانية ليس فقط قمع الدين و المتدينين بل أيضا قمع كل الأفكار و
المعتقدات التي لا تتوافق مع الإيديولوجيا “العليا” للأقلية العلمانية .
إنهم يقولون الحقيقة .
المدافعون عن الدولة العلمانية يقولون أن الدولة العلمانية لا تعني القمع
بل الحرية .
إنهم لا يقولون الحقيقة .
المدافعون عن الدولة الثيوقراطية ( الدينية ) يقولون أن دولتهم لا تعني
القمع بل الحرية .
إنهم لا يقولون الحقيقة .
باختصار , للوصول إلى الحقيقة , نحتاج فقط لأن نرى أن ما يقولونه ضد
بعضهم البعض صحيح و أن ما يقولونه عن أنفسهم غير صحيح .
العلمانيون و الثيوقراطيون ( الداعون إلى دولة دينية ) هم توليتاريون
إن الدين الإسلامي , لأسباب معقدة و عميقة , هو دين توليتاري ( شمولي ) .
( لا أستطيع أن أستعرضها جميعا هنا ) . في كل مرة يرى فيها فرصة , هنا أو
هناك , فإنه يحاول أن يستولي على السلطة و أن يحكم المجتمع وفق الأحكام
المقدسة لله . لا يمكن لأي كان أن يعارض هذه الأحكام لأن الله قد وضعها .
بالنسبة لأولئك الذين يعتبرون أنفسهم عبيدا لله , الشيء الوحيد المهم في
هذا العالم المؤقت هو تطبيق أحكام الله على كل المجتمع , و إذا كان ذلك
ضروريا , قمع , و حتى تدمير , أولئك البشر الذين يعارضونهم .
غالبا ما يصرخ المدافعون عن الدولة العلمانية : “عندما سيصل هؤلاء الناس
إلى السلطة , فإنهم سيقيمون ديكتاتورية كاملة . لهذا السبب , يجب قمعهم
من الآن فصاعدا” . هذا خاطئ تماما , لماذا ؟ لأنك إذا بدأت بقمع كل شخص
يدافع عن نوع ما من التوليتارية , فستكون هناك حاجة لقمع الجميع بما في
ذلك العلمانيين . من المستحيل على محبي الحرية أن يوافقوا على هذا .
إضافة إلى ذلك , من سيكون أولئك الذين سيمارسون القمع ؟ بحسب ثيوقراطيي
اليوم ( الداعين إلى دولة دينية ) , إنها الدولة المسلحة . حسنا ,هذا خطأ
يرتكبه محبو الحرية الذين يجدون أنفسهم بالقرب من الجبهة العلمانية . إن
الاتجاه نحو الديكتاتورية لا يمكن قمعه بديكتاتورية أخرى . حتى لو جرى
قمعهم , فإن ديكتاتورية أخرى تكون قد ولدت . و لا يهم إذا كانت هذه
ديكتاتورية لا دينية أم ديكتاتورية دينية .
إن الدولة العلمانية هي توليتارية بقدر ما ضدها كذلك ( أي الدولة
الثيوقراطية أو الدينية ) . إن كل ذلك هو منافسة على السلطة .
يهدف المدافعون عن الدولة العلمانية إلى إلغاء دين الإسلام بالإجمال و
بناء ديكتاتورية إيديولوجية , أي ديكتاتورية يعقوبية ( نسبة لليعاقبة –
الاتجاه السلطوي المتطرف من الديمقراطيين البرجوازيين الفرنسيين في أثناء
الثورة الفرنسية البرجوازية – المترجم ) – كمالية . تهدف هذه
الديكتاتورية الإيديولوجية إلى إلغاء ليس الإسلام فقط بل كل الأفكار و
المعتقدات التي لا تتوافق مع الديكتاتورية الكمالية – اليعقوبية . هذا لا
يعني بالطبع أننا لن نفعل أي شيء ضد أولئك الذين يمارسون القمع , أيا
كانوا . إننا سندافع عن حرية أولئك البشر الذين يمارس عليهم القمع من قبل
الإسلاميين و أولئك الذين يقمعهم الكماليون . هذا هو الموقف الصحيح . نعم
, إننا لا نخفي حقيقة أننا مثاليون , لأننا نعرف أنه فقط في هذا الاتجاه
يمكن قيام مجتمع حر , بالمقاومة الراسخة ضد أي اتجاه نحو الديكتاتورية و
حتى بالدفاع عن حرية أولئك الذين يدافعون عن الديكتاتورية .
مجتمع حر دون دولة !
لا يهم تحت أية إيديولوجيا , فإن السلطة و الدولة هما عدوان للحرية ,
سواء أكانت علمانية أم ثيوقراطية ( دينية ) , هذا لا يهم . الديكتاتورية
هي الديكتاتورية . التوليتارية هي التوليتارية .
في مجتمع حر دون دولة , لن تحكم لا الإيديولوجيا العلمانية و لا
الثيوقراطية ( الدينية ) . لأن الناس سيكونوا قد دمروا الدولة المسلحة و
بدؤوا بحكم أنفسهم . في هذا المجتمع سيعيش المؤمنون حسب معتقداتهم و غير
المؤمنين بالطريقة التي يريدون . في هذا المجتمع الحر , لن يقمع أي إنسان
أي إنسان آخر بسبب معتقده , أو نمط حياته , فكره , دينه , الخ . لأن
وسائل القمع نفسها تكون قد ألغيت من قبل المجتمع نفسه .
غين زيلي
أناركي تركي
نقلا عن www.anarkismo.net/article/974
نشرت بتاريخ 19 يونيو حزيران 2005 في الموقع الأناركي الالكتروني www.anarkismo.net
ترجمة : مازن كم الماز
خاص – صفحات سورية –