هل يقايض الحريري اتهام إسرائيل بالحماية السياسية؟
ثائر غندور
النائب وليد جنبلاط (مروان طحطح)النائب وليد جنبلاط (مروان طحطح)هل تتجه الأمور صوب حلحلة للوضع السياسي؟ المعطيات المتوافرة تُشير إلى هذا الأمر جزئياً. «الفتنة» تُغيّر مسارها عسى أن لا يُعيدها الهواء الآتي من الشرق، من جهة نهري دجلة والفرات. أوساط سياسيّة مطّلعة على الاتصالات السياسيّة قالت إن الطرفيْن الرئيسيين، أي حزب الله والرئيس سعد الحريري، لا يُريدان الفتنة، وإنهما أشارا إلى ذلك مراراً، يُضاف إلى ذلك دخول لبنان في لعبة المحاور، بحيث إن هناك محوراً سعوديّاً ـــــ مصرياً في طور التكوّن، وهو ما يعني بالنسبة إلى الفريقيْن نتيجة واحدة، هي «الفتنة»، وذلك بسبب التأثير المصري. وتُضيف هذه الأوساط إن أحد الطروحات الأساسيّة المقترحة، هو أن يُعلن سعد الحريري أنّ إسرائيل ضالعة في اغتيال والده، وهو ما عبّر عنه من السعوديّة منذ فترة. في المقابل، يعترف الفريق الآخر بأن البديل للحريري هو الأصوليّة، ما يعني قيام هذا الفريق بحماية الحريري سياسياً. من هنا، يعتقد من يقومون بالوساطات أن لقاء الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله مع الحريري مهم جداً لقدرة نصر الله على الإقناع بسبب ما يمتلكه من كاريزما. وهنا تلفت هذه الأوساط إلى أن تأجيل بند تمويل المحكمة يأتي في سياق تأجيل الانفجار بسبب البحث عن حلول.
بعض الساسة تركوا البلد، وآخرون يستعدون لذلك. النائب مروان حمادة، أرسل، أمس، خبراً إلى الوكالة الوطنيّة للإعلام يقول فيه إنه غادر وعقيلته إلى باريس، بعدما نفى أول من أمس الخبر الذي نشرته «الأخبار» عن نيّته ترك البلد. وفي التقويم الحقيقي لموضوع حمادة، أن هناك من طرح أن يُغادر الرجل البلد لفترة زمنيّة حتى تتبيّن حقائق الأمور ويعاد تقويمها. وقد أشارت بعض الجهات إلى أن التوازنات السياسيّة في لبنان هي توازنات طائفيّة تماماً، ولا أحد يُغادر على نحو كامل.
في هذا الجوّ، يظهر أن هناك حلّاً لموضوع شهود الزور، يجري تداوله في الأوساط السياسيّة، وقد يكون كلام النائب وليد جنبلاط أمس إشارة إلى ذلك. سأل زعيم المختارة «أين الخطأ في مسألة المذكرات السورية؟»، لافتاً إلى أن المقصود منها هم 3 أو 4 أشخاص، ومن بينهم واحد فبرك شهود الزور وأساء إلى العلاقات بين لبنان وسوريا. وأضاف جنبلاط، في دردشة مع قناة MTV، أن المذكرات تحل سياسيّاً وقضائيّاً في آن واحد، وتابع: «لتكن المذكرات، ولننقِّ العلاقات بين البلدين ولننته من هذه الأمور»، مستغرباً اعتبار رئيس الحكومة سعد الحريري أنها إهانة، وهو من اعترف بشهود الزور. ورأى أنه «كلما تقدمنا خطوة بالعلاقة مع سوريا إلى الأمام، يرجعنا فريق 14 آذار عشر خطوات إلى الوراء».
كلام جنبلاط يتقاطع مع معطيات يتداولها الوسط المُحيط به، وهي أن محمّد زهير الصديق، الذي تعوّد اللبنانيّون أن اسمه الحركي «الشاهد الملك»، هو ملك شهود الزور، وأنه أوّل من ورّط التحقيق الدولي باتهام سوريا. وتضيف هذه الأوساط أن رفعت الأسد، شقيق الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد، مسؤول عن فبركة الصدّيق وترتيب أموره بين فرنسا والسعوديّة ومربايا. وهو ما تداوله الرئيس سعد الحريري وجنبلاط في بعض جلساتهما أخيراً، وهو يترافق مع كلام يُنقل عن أوساط الحريري، بأنه هو وفريقه غير مسؤولين عن فبركة شهود الزور. يُذكر أن رئيس فرع المعلومات العقيد وسام الحسن هو الذي وقّع الإفادة الأولى لمحمّد زهير الصديق أمام لجنة التحقيق بصفته مترجماً.
وفي هذا السياق، سيأتي تقرير وزير العدل إبراهيم نجار الذي سيُوزّع اليوم على الوزراء. وسيشتمل تقرير نجّار على أجزاء عديدة. ستكون المطالعة القانونيّة واحداً من هذه الأجزاء. وستُحدّد المطالعة القانونيّة من هو شاهد الزور، وكيف يُمكن تحديده. هل هو من أدلى بشهادة غير صحيحة، أو من ضلّلت شهادته التحقيق أو من تبيّن أنه دُفع إلى الإدلاء بهذه الشهادة.
كذلك سيُحدّد تقرير نجّار آليّة التواصل مع المحكمة الدوليّة، حتى لا يُؤثّر التحقيق اللبناني بشهود الزور على مسارها. وجرت مراسلات عديدة مع المدعي العام في المحكمة الدوليّة دانيال بلمار بشأن هذا الموضوع.
ومن المفترض أن يتحدّث تقرير نجّار عن آليّة التواصل بين التحقيق اللبناني والدولي لجهة تبادل المعلومات عن شهود الزور، وإذا ما سيستعين القضاء اللبناني بالملفّات الموجودة عند المحكمة.
وهنا، تجدر الإشارة إلى أن الرئيسين الأخيرين للجنة التحقيق الدولي، دانيال بلمار وسيرج براميرتز، أبلغا وكلاء الدفاع الأربعة عن الضبّاط الأربعة بأنهما سلّما التحقيق اللبناني كل ما له علاقة بشهود الزور وتقويمهم.
وسيتناول تقرير نجّار أيضاً ما إذا ما كان القضاء اللبناني صاحب اختصاص في النظر بهذه القضيّة، وذلك لأن التحقيق اللبناني يملك نسخاً كاملة عن التحقيقات، وسلّم نسخة عن هذه الملفّات إلى المحكمة الدوليّة، لكنّه لا يستخدمها لأنه ليس صاحب اختصاص. فإذا أعلن نجّار أنه صاحب اختصاص، يُمكن استعمال هذه الوثائق والتحقيقات بالتنسيق مع التحقيق الدولي، علماً بأن هيئة الاستشارات والتشريع في وزارة العدل قد أبلغت نجار منذ نحو أسبوع أن القضاء اللبناني صاحب اختصاص.
الأخبار