الجسد الخفيف، الخفيف جداً
شوستو مون
(غاليسيا- إسبانيا 1962)
لورنس المدينة
أقوم بجولة في سقف غرفتي،
أدور حول اللمبة،
أقفز الى الأسفل بقدميَّ معا،
أصوّت ضد الأرضية،
وأعود إلى السقف
الذي لم يكن عليَّ أن أغادره البتة.
أطير على ارتفاع منخفض في الشارع،
محدثا ضجيجا بفمي وأرسم العجلة على وجهي،
وأمضي بكل ثقة إلى اللا مكان.
أطارد طبق الأقمار الصناعية
وأحيله ألف قطعة،
أبول الباقي كي أحدد نطاق أرضي.
بالشجاعة التي تميّزني أذهب إلى ساحة المعركة،
أهجم على الخندق بحربة البندقية المبللة،
أقفز من فوق الأعداء،
وأتمكن من الخروج والخبز تحت إبطي.
السباق مدوّخ، وبجاكيتة في الريح أعبر قارعة الطريق،
يسبقني بضعة أطفال وعجوز، لكنني لن أتنازل عن الرهان
وفي النهاية، كالعادة، أكون أول من يصل.
بلاطات الشارع تمر سريعا تحت قدمي،
ببراعة أحاول ألا أطأ الخطوط،
واثباً وملتفاً أتحاشى بعض النسوة العجائز من كوكب آخر.
حامل أنابيب الغار البيروفي لن يعوقني هو الآخر
عن إكمال مهمتي،
عامل يقطع عليَّ الطريق محرِّكاً ذراعيه،
أتجاهله وأقع في حفرة.
أتتبع الجاسوس الروسي بقبعته ومعطفه الرمادي،
إنه يتنكر في زيّ سائح بقميص من هاواي.
أتتبع قدما مع الأخرى، ولكي أصل إليهما
لا بد أن تتوقفا
لكن أسرع فأسرع تتقدمان حول حوض الشجرة.
•••
وأنا أطبخ
أود أن أكون زجاج محل المرايا
وأن آخذ انعكاساتك التي كانت هناك
وأحفظها في درج النظرات
وأن أجعل مني شظايا كي تتضاعف.
سآكل أزهارا لرغبتي الجامحة في الطيران.
إنها كلماتك الجارحة التي
أريها لأصدقائي المغرورين؛
ها هي الندبات قد خيطت.
الأبدية مليئة باللحظات القصيرة.
مغامرات تقرأ في السرير وتعاش على سطح السفينة،
أود أن أكون “نيمو” وأن أغرق مع “ناوتيلوس”،
أود أن أكون “أخاب” وأن أغرق مع كراهيتي.
في البحر، في البحر.
التفكير جميل
وكذلك العيش
لكن أن تصنع من الحياة إعصارا فذلك هو فن.
إذا ضايقتك، أطلق الرصاص.
إذا لم أضايقك، أطلق الرصاص.
افعل ما يحلو لك ولكن أطلق الرصاص.
سيصير الرصاص ذكرى جميلة.
لا تبق وفي نفسك رغبة.
•••
مونيكا
تترك مونيكا ملابسها في المطبخ،
في الحمّام، في الممرّ، في قعر الخزانة،
إنها فتاة منظمة جدا،
تبحث عن الأشياء ولا تجدها؛
“التامبكس” ملتصق بالسقف والواقي الذكري
تحت السرير،
المخدة وسادة والوسادة مخدة.
كرتونة التليبيتزا ليست مضرة
والملحق الأسبوعي للجريدة له أربعة أشهر، تقرأه في الحمّام
وعن الأربعة العشاق الذين كانوا لها لا تعرف شيئا
أيكونون في الشرفة؟ في الثلاّجة؟
أيكونون قد تاهوا في الصالون!
بين الملاءات دمية صغيرة لدبّ،
أتكون زينة؟ أتكون أثرا؟
وإلى جانب الدبّ ها أنا، أنا؟
أأكون زينة؟ أأكون تائها؟…
•••
مركب الأحجار
في صحن الدار حيث لعبت وأنا صغير
وحيث حلمت وأنا كبير،
ثمة أحجار لها طعم اللوحات ورسوم الأطفال
وأعشاب تذكّرني بالجنس ونباتات القراص.
مركب الأحجار يشقّ المرج نصفين،
صفارات الإنذار في مهب الريح،
ملاّحون بأعشاش في فروعهم،
نوارس تنعب،
صيادون يلقون بشباكهم
ويجمعون صيدهم المتنامي
ومن ميناء إلى ميناء إلى الكونغو والصين وبحار الجنوب.
في المرآة التي هي البحر
ينعكس الفرج الأزرق الكبير.
في مقدمة السفينة طفل يقرأ “الكابتن رعد” وحيدا، يصعد اللبلاب من بين رجليه وعلى كتفه ينام متكورا طائر أبو الحنّاء. يرفع نظرته وينظر إليّ، أشعر بالرغبة في الكلام، لكنه يحمل سبّابته إلى شفتيه ويشير إلى جانب واحد، وعند النظر إلى هناك أراني منعكسا في الهواء وفي الانعكاس نفسه،
مادّاً يده، يقترب مني ويذوب فيَّ.
•••
الحرباء
يحاول الذباب زعزعة الحرباء
لكنها وهي محاطة بالعبير
بالكستناء والتفاح والبرسيم والشوكولاتة،
وبالألوان الخضراء والزرقاء والصفراء والبنفسجية
تبقى ثابتة بعينين مغمضتين.
مرّت الأيام والشهور والسنوات،
العدم اجتاح الكسل
ورائحة نتنة ملأت المكان.
الذباب!
الحرباء تحاول الاستيقاظ
لكن بعد فوات الأوان.
عيناها قصعتان
ولسانها ليس لسانها.
الجسد الخفيف، الخفيف جدا.
ترجمة أحمد يماني
النهار