صفحات الناس

البحث عن استقلالية الجامعات في زمن التأميم الأمني

null
محمد منصور
وأد استقلال الجامعات: الجريمة المنسية!
طرحت قناة (الجزيرة) في حصاد يوم (الاثنين) قضية استقلال الجامعات، ووطأة السيطرة الأمنية والحكومية على نشاط الجامعات في مصر، على خلفية المظاهرة التي خرجت منددة بالتدخل الأمني وباعتداء ضابط شرطة على طالبة جامعية وضربها بحجة أنها رفضت السماح بتفتيش حقيبتها التي كان يعتقد الضابط أنها تحوي منشورات سرية!
طبعاً لا نستغرب أن يخرج صوت بوق من أبواق النظام ليقول ان الجامعات تحولت في فترة من الفترات إلى دكاكين للسياسية وانحرفت عن مسارها وهدفها التعليمي، لذا كان من الضروري وضع ضوابط لها… فهذا الرأي سنسمعه من أي بوق لأي نظام عربي فيما لو طرحت قضية استقلال الجامعات في بلد آخر غير مصر، لكن الحقيقة المؤسفة التي يمكن تأملها في غير بلد عربي، أن أول أسفين دق في نعش الرأي العام كان التدخل الأمني في الجامعات، وقتل استقلالية الجيل الشاب في أولى سنوات تفتح طموحه الحياتي والفكري، لقد حرّمت الأنظمة الشمولية القمعية السياسة على طلاب الجامعات، وثمة الكثير من خيرة الطلاب أخذوا من مدارج جامعاتهم إلى غياهب السجون في أقسى عملية تدمير شهدتها بنية المجتمعات العربية، وقضوا سنوات وراء القضبان بسبب منشور وزعوه أو انتماء حزبي حر آمنوا به أو ربما تحمسوا له في لحظة اندفاع شبابي ليس أكثر، فكان الثمن الذي دفعوه أكبر بكثير من (الذنب) المرتكب، أو النزر اليسير من (الحرية) التي مارسوها!
وكان البديل عن الحراك السياسي الذي كانت تشهده الجامعات، تأميمها وإلحاقها بالحزب الحاكم في هذا البلد أو ذاك، حيث صارت جامعاتنا دكاناً للحزب الحاكم، حلال عليه وحرام على الأحزاب الأخرى حتى لو كانت حليفة معه وتابعة له، وإذا كنا نشتكي اليوم من تفاهة جيل شاب غير معني بالحياة والنهوض والتطوير، وبأمية جيل جامعي صار خارج معادلات التغيير… فيجب ألا نلوم شباباً صارت جامعاتهم معقلاً للهتاف وللرأي الواحد وكتابة التقارير الأمنية، بل نلوم من أعدم أمنيات تلك الأجيال، وشل حراك رأي عام بأكمله عبر قتل روح التنوع والاستقلالية في الجامعات… فتحية للمتظاهرين الشباب في مصر الذين خرجوا كي ينفضوا الغبار عما علق في حياتهم الجامعية من ركود وشلل… وشكراً لقناة (الجزيرة) التي جعلت من خبر تلفزيوني محوراً لقضية مهمة تستحق أن تناقش بالعمق!
جزء من مقال طويل في القدس العربي
القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى