عقود موسمية
يعتبر تأمين العمل الشغل الشاغل لكل الشباب الساعي نحو الاستقرار ، و في كل عام يدخل سوق العمل مئات الآلاف من الشباب الطامح دون أن يترافق ذلك مع توافر فرص العمل المتناسبة مع هذا الحجم من العمالة المدججة بكافة أنواع الشهادات .
و الآن سنتحدث عن نوع من أنواع العقود التي تعتمدها الدولة في توظيف الناس ألا و هي العقود الموسمية ، أو عقود الثلاثة أشهر كما اصطلح على تسميتها ، و تعتمدها المؤسسات ذات الطابع الإنتاجي الزراعي ، و التي تحتاج في أوقات محددة من العام إلى عمال إضافيين نتيجة جني المحاصيل الموسمية ، كمؤسسات الحبوب و الأقطان و غيرها .
أما في مؤسستنا الرائدة و رغم عدم انتمائنا إلى أي من المؤسسات الآنفة الذكر ، فصارت عرفاً يتم بموجبه توظيف العشرات من الناس ، و رغم أنه لا يحق للشخص العادي أكثر من عقد في العام ، فإن البعض موظف منذ أكثر من ثلاثة أعوام ، و لكن بهويات لأشخاص آخرين في أسلوب ملتوٍ للتحايل على القانون …
بالتأكيد ليس عندي مشكلة في توظيف كل هؤلاء ، لو أنهم بحاجة إلى العمل حقاً ، أو أنهم يقومون بعمل ما و لو كان مجرد نقل البريد بين الغرف ، و لكن الأمور تجري بغير هذه الطريقة فأغلب الموظفين على هذه الشاكلة لا حاجة بهم إلى العمل أو المال ، بل لعلها في أغلب الأحيان مجرد وسيلة لإضاعة الوقت و التسلية و تبادل ( المنافع ) بين المدراء و جل ما يفعلونه شرب القهوة و التدخين ، و النظر إلى الموظفين الآخرين من رؤوس مناخرهم .
كانت تلك مقدمة بسيطة للولوج إلى حكاية اليوم ، عن مواطن درجة أولى أنهى دراسته في إدارة الأعمال في جامعة خاصة تعطي شهاداتها بفناجين القهوة ، و هذا الأمر لم يكن بالمشكلة العويصة على والده الذي كان مسؤولاً كبيراً و مازال يرخي بظله الوارف على الدولة ، بعد أن ملأ جيوبه و جعبته و كل ما يتسع له ملاكه التخزيني من خيرات الوطن ، ليغدقها على أولاده و ربعه و عشيرته ، حتى قيل فيه تربع على عرش الأثرياء و فاقهم عزاً و جاهاً .
قرر الأب العطوف أن يرسل ابنه في دورة تدريبية عند صاحبه المدير العام ليتعلم أصول العمل ليتسلم من بعد عمر طويل إنشاء الله أمور الشركات التي خلفها له ، فما كان من صاحبه المدير إلا إن عينه بواحد من عقود الثلاثة أشهر التي ذكرناها في أول الحديث .
فيما كان الموظفون ينزلون من باصاتهم المتعبة ، وصل الأخ يمتطي متن سيارته الحديثة جداً وسط تساؤلهم عن ماهية الشخص الذي يركب سيارة أحدث من موديل سيارة مديرهم العام ، و لكن ذهولهم بلغ أعلى مستوياته عندما علموا أن هذا ” المواطن المحترم ” مجرد موظف مؤقت لمدة ثلاثة أشهر فحسب .
و الله لست أدري ما حاجة شخص تصرف سيارته من البنزين في اليوم ما قيمته راتب شهر مما يعدون إلى العمل في المؤسسات العامة ، و هناك عشرات الآلاف لا عمل لهم يتسولون الوظيفة على أبواب المسؤولين يحلمون بوظيفة أسبوعية أو يومية حتى لتسد رمقهم ، في هذا البلد تدوم النعمة لصاحب السلطة و المال و لا يأكلها إلا من لا ظهر له !
http://nawarshash.com/?p=6327