صفحات من مدونات سورية

مأتم انتخابي ..

جاءني صديق في يوم غابر من مرحلة تاريخية وقال لي : هناك انتخابات لمجلس الشعب و.. فقاطعته ماذا يهمني سواء جلس الشعب ام انتصب يجب ان تساعدني بالعثور على ابو مقصوف الرقبة لتصفية حسابي معه لم يبق في جيبي ثمن كازوزة فقال هناك عمل محترم لي ولك وتوجد مكافأة مغرية عند فوز الرجل ،سال لعابي عند سماع كلمة مغرية فسألته مستغربا”وما علاقة الرجل بالاغراء ؟قال ستعرف كل شيئ في المساء لدينا اجتماع في احد احياء الشام القديمة لأطلاعنا على التفاصيل في المساء ارتدينا افخم ما نملك من ملابس رثة ولمعنا الاحذية المستوردة من مناجم روسيا وانطلقنا لا نلوي على شيئ واحلام الثراء تتقافز امامنا وصلنا الى المكان المقصود وكان هناك ازدحام واوراق وصور معلقة ولافتات تحمل وعود بنقلات نوعية وتخليص المواطن من الفقر والبطالة وشعارات مكررة اخرى لا احد يعرف تفسيرها او جنسية الشعب المقصود بها قالوا لنا ان مهمتكم هي انتداب في مراكز التصويت المخصصة داخل المدارس من اجل توزيع قائمة لائحتنا لانتخابات مجلس الشعب على الناس ومحاولة اقناعهم بالقائمة وعند فرز الاصوات يجب عليكم تسجيل عدد الاصوات التي حصل عليها مرشحنا بكل دقة وهناك اجتماع آخر بعد انتهاء الانتخابات يتعلق بكم والآمال معقودة عليكم فهناك منافسة شرسة ومعركة حامية الوطيس تنتظركم لخوضها ونحن نثق بقدراتكم ولن نقصر معكم حتى وجبات الطعام والشراب ستلحقكم الى المراكز الانتخابية . انتهى الخطاب التحريضي وفي اليوم التالي توجهت الى ساحة المعركة مدججا” بالمطبوعات وقفت هناك ادعو الناس الى ممارسة حقهم الانتخابي والتصويت لصالح القائمة واثناء احتكاكي مع الجماهير الكادحة كنت اسمع اجابات وحجج غريبة مثل (-ماني فاضي – بس ارجع – لا تضيع وقتي يازلمة – هويتي نسيتها بالبيت -انت شو شغلتك ) كانت تأتي باصات كبيرة تحمل اناسا” اشبه بالآليين لايتكلموا مع احد ولايأخذوا اوراقا”من المندوبين يدخلون الى المركز يدلون بأصواتهم ثم يخرجون بنفس الطريقة الميكانيكية كما صادفت بعض الناس ذوي التفكير التجاري البحت قالوا لي لو احضرنا لك اشخاصا” كم تدفع على الراس !! في ذلك الوقت لم يكن مخي قد تضخم شاقوليا” لاستيعاب اسباب رفض الناس الدخول للتصويت وكان ما يهمني هو القيام بعملي على اكمل وجه والحصول على اجري اما الآن فقد عرفت ان الحكاية شائكة ولها علاقة بالفالج وانعدام كامل للثقة بين الشعب ومجلسه، في منتصف النهار نهشني الجوع وانتظرت وصول الامدادات التي ستلحقني كما اخبروني ولكن يظهر ان القافلة تعرضت للابادة قبل وصولها الى خندقي وعند اغلاق صناديق الانتخاب انتقل عملي من الشارع الى مكان الفرز لتسجيل عدد الاصوات وكلما كان مرشحي يحصل على صوت كنت اضيف خطا” طوليا”الى الورقة وعندما يصل العدد الى خمسة يكون الخط الاخير بالعرض لأقفال الخوارزمية كما يفعل السجناء في الزنزانات و المفقودين في الجزر النائية اخيرا” انتهى الفرز وحصل مرشحي على عدد من الاصوات يقارب اصوات مرشحين مهمين ومعروفين مع انه يعد نكرة بامتياز لم يسمع به احد من قبل ، عند حلول المساء ذهبت للقاء صديقي الذي كان يعمل في مركز آخر للتنسيق للقاء الشخص الوسيط والحصول على اجرنا ذهبنا الى مكان الاجتماع ولم نجد احد بحثنا في الجوار عن اي احد للسؤال دون جدوى عدنا مرة اخرى في اليوم التالي لنجد مجموعة من المندوبين المكتئبين وعرفنا منهم ان مرشحنا قد خسر الانتخابات وانتهى كل شيئ انتظرنا مدة طويلة حتى اخبرنا احدهم بان هذا المكان مؤجر لمدة قصيرة وانتهت فترة الايجار حينها لم نعد بحاجة لمن يخبرنا بأننا ضحايا عملية نصب متقنة ،في طريق العودة حاولت التخفيف عن صديقي وهمست له يجب ان نحتفل لأن مرشحنا خسر فلو فاز في الانتخابات لسرق البلد بمن فيه ..

http://abodmageen.blogspot.com/2010/11/blog-post_19.html

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى