حين أكبر
في سني حياتي الأولى ..
كنت أود تماما ً لو أصبح
ظلا ً لأبي ..
لو استحيل أنا ، بكليتي
فأصبح ” أبي ”
وعندما مات أبي صغيرا ً
من أحد أمراض القلب ..
انتزعت القلب من الحشا
وقررت أن أصبح شخصا ً آخر ..
عندما كنت طفلة
أستطعت ببساطة الأطفال
ببلاهة الأطفال
أن أميز بين الأبيض والأسود
واعتقدت – لا تضحكوا
فغريبة هي اعتقادات الاطفال –
نعم اعتقدت
أن مهمتي أن أمسك بعصاي الخشبية
لأمنع الظلمة من احتلال النور
وعندما كبرت اعتادت عيناي الرمادي
وأصبت بعمى الألوان
وعندما كانوا يلحون علي ّ بالسؤال
عمّا أريد فعله حينما أكبر ..
كنت أصر أن أغير عالمنا كله
فحينا ً أختار أن أكتب
فأجعل من وطني أجمل ..
وحينا ً أفكر لو أقف في صف المضعفين
وأرتدي ثوب العدالة
لكني حين كبرت ،
شاهدت في ميزان العدالة ، أموالا ً مريبة
ولاحظت كيف تموت الكلمة الصادقة من الجوع
او شنقا ً بلا مبالاة المستمعين
عندما في حداثتي قابلت ” الله ”
الكلي الجمال ، والحكمة
بهرني بمحبته لا بقدرته
وتمسكت بطرف ثوبه وكلي إيمان
ومن يومها أجد صعوبة في تصديق
من يخبرني أن الله .. يحبه هو
دونا ً عن باقي البشر ..
في سني مراهقتي الوطنية
كنت أصر أنني
لا أحيا خارج هواء بلادي
وأنني ملزمة بها .. في شيخوختها
وكلما كنت أكبر ،
كانت بلادي تسرق أنفاسي
تحسب علي ّ أفكاري
وتضع وطنيا ً آخر
من نوع لا يشبهني
ليراقب عاطفتي تجاهها
فبدأت بحزم حقائبي ،
بحثا ً عن فرصة ” أمل ”
عندما كنت صغيرة
كنت أعتقد أنني سأكبر
لأصبح شخصا ً مختلفا ً ..
وكبرت قليلا ً
وتنازلت قليلا
وفكرت أني سأصبح
شخصا ً ” ما ” ،
مختلفا ً .. متشابها ً لا يهم
وكلما أمعنت في النظر
رأيت كم حولتني حياتي
إلى مجرد ” شيء ” لا أكثر ..
مرسيل
18/10/2010
http://www.marcellita.com/2010/11/blog-post_18.html