صفحات العالم

طائرات “إف – 35” ليست لاصطياد العصافير

سعد محيو
الصفقة العسكرية الضخمة التي أبرمتها الولايات المتحدة مع “إسرائيل” مؤخراً، تضمنت “هدية” و”نصف هدية” .
الهدية المجانية هي 20 طائرة من طراز “إف  35” ونصف الهدية هي 20 طائرة أخرى من الطراز نفسه، لكن ثمنها سيُخصم من إجمالي المساعدات العسكرية السنوية الأمريكية ل”إسرائيل”، والتي هي بدورها مجانية، أي أن المسألة في الواقع من “العِبْ إلى الجيبة” (كما يقول المثل الشعبي الشائع) .
لكن، ما أهمية هذه الصفقة؟ ولماذا “استبسل” بنيامين نتنياهو للحصول عليها، في مقابل موافقته على وقف مؤقت للاستيطان في الضفة الغربية، لا في القدس الشرقية، ولمدة ثلاثة أشهر لا غير؟
لسنا خبراء عسكريين، لكن ما رشح من معلومات عن هذه الطائرة، يشي بأن هدفها ليس الدفاع عنها، بل تمكينها من شن الحروب الهجومية في كل/ وأي مكان في الشرق الأوسط .
ف”إف  35” قاذفة مقاتلة بعيدة المدى تبلغ فعاليتها أربعة أضعاف فعالية أي مقاتلة حديثة راهنة تابعة إلى الجيل الرابع للطائرات على غرار “إف  15” و”إف  16” و”إف  18” و”يويورفايتر” . والميزات الرئيسة ل”إف  35”، ناهيك عن أنها خفية ولا يلتقطها الرادار، هي قوة مُحرّكها الذي يولّد طاقة أكثر من مجموع محركين في طائرة “إف  18”، والأجهزة الإلكترونية فائقة التطور والتعقيد التي تمكّنها ليس فقط من الاختفاء بل أيضاً من تشويش وشلّ أي طائرات أو دفاعات جوية .
“إف  35” مزوّدة بمدفع من عيار 25 ملليمتراً، وصواريخ جو  جو وجو  أرض، و”قنابل ذكية” عدة، وهي قادرة على حمل 6،8 طن من الأسلحة والذخيرة . وستكون الجيل الجديد الأكثر تطوراً من طائرات سلاح الجو الأمريكي الذي سيُحيل إلى التقاعد الجيل الحالي من طائرات “إف  15” و”إف  16” .
باختصار، هذه الطائرات ستضمن ل”إسرائيل” التفوق الجوي الكاسح من الآن وحتى أمد غير منظور . وبالتالي، السؤال الذي سيبرز فوراً هنا هو: هل كان مجرد استئناف الوقف المؤقت للاستيطان، يوازي حجم هذه الصفقة الكبرى؟ إذا ما وضعنا موازين القوى الفلسطينية  “الإسرائيلية” بعين الاعتبار، ستكون حيازة هذه الطائرات أشبه باستخدام صاروخ عابر للقارات لاصطياد عصفور فلسطيني بحجم قبضة اليد .
ثم: ما الذي يضمن أن تتوصّل المفاوضات خلال الأشهر الثلاثة المقبلة إلى اتفاق حول حدود الدولة الفلسطينية العتيدة، كما يعد الأمريكيون الآن؟ ألا يُحتمل أن يأكل “الإسرائيليون” طُعم صفقة الطائرات، ومعها صفقات بنود عسكرية سرية أخرى لم يُكشف النقاب عنها، ثم يرمون الصنّارة إلى سلة المهملات؟
الأمر مثير للريبة، لاسيما حين نتذكّر أن المؤسسة العسكرية الأمريكية بدأت خلال السنتين الماضيتين بتخزين كميات ضخمة من الأسلحة في القواعد العسكرية البرية والبحرية “الإسرائيلية” . وبالطبع، هذه الأسلحة، التي يحق ل”إسرائيل” استخدامها، لن تُستخدم ضد عصافير حماس، بل ربما ضد الطيور الجارحة الإيرانية .
كتب “الإسرائيلي” أموس هاريل: “الأرجح أن ما يجري أبعد بكثير من مجرد وقف بعض منصات الاستيطان . الأمر ربما يتعلق بصفقة ما بين واشنطن وتل أبيب حول المسألة الإيرانية” .
ما طبيعة هذه الصفقة؟
هاريل لم يجب، لكنها يمكن أن تكون متعلّقة بتعهد تل أبيب بعدم مهاجمة إيران بشكل منفرد، بانتظار استكمال استراتيجية العقوبات، على أن تُطلق يد “إسرائيل” في أماكن أخرى، وهذا ليس حتماً من أجل تحقيق السلام .
الخليج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى