مخدة المرحومة
صحيح أنها قد توفيت، ولكن قصصها قد ولدت. الموت يصبح تسلية ومناسبة للأحاديث لدى الشعوب التي تعيش الفراغ. بعد موتها بأيام كنت أجلس مع رجال تجاوزوا الخامسة والخمسين وأخذوا يتحدثون عنها بطريقة توحي بالاحترام الذي يكنه الرجل الشرقي للأنثى التي لم تتزوج والتي يقال عنها مع تكشيرة استهزاء “عانس”.
كان أحدهم يتكلم عن فحولته مع أنه قارب الستين، وهو يقول أنه يستطيع أن (يبخش) الحائط بعضوه الحديدي، وأكد لمعاصريه أنه يحتفظ بالقوة الجنسية لشاب في العشرينات! فقال أحد الخبثاء: حسنا لنستدعي “نسمة” وهي المرحومة العانس التي قاربت الخمسين والتي قد اشتهرت بقوة لسانها، فقال المتفاخر: نسمة!! هه ادعوها الآن وليكن في علمك أنني (إذا حشتها في الفراش رح خليها تقرط المخدة!).
انتظروا حتى خرج، ثم نادوا على السيدة نسمة وأخبروها بما سبق، فهزت رأسها بسخرية واضحة وقالت: (أين هو القبضاي؟ ابعتوه فورا والله لخليه يقرط الفراش مع الاسفنجة والخشب).
صادف أحد الأيام أن صعد أبو الرجولة في الباص ورأى نسمة ولكنه تحاشاها وظن أنها لم تره، ولكنها عندما نزلت أوقفت الباص وقالت له وهي تؤشر بأصابعها لينزل: (يلا يا فحل انزل لنشوف كيف بدك تخليني أقرط المخدة).
تآكل أبو الرجولة من الخجل وحاول التلاشي إلا أنّ الركاب وخاصة الرجال نظروا إليه بسعادة وابتسامة تواطىء تعلو وجوههم، فرفع العشرة وقال: لقد استسلمت يا نسمة أرجوك اعتقيني!
قالت المخلوقة للسائق الذي فرح بالموقف الذي سيحكيه جميع سائقي المحافظة بعد ساعة: هكذا هم الرجال.. شاطرين بالنفخ والحكي.
أما السائق فقد التفت إلى أبو الرجولة وقال: شو منشان المخدة؟
http://kenanphoenix.wordpress.com