صفحات من مدونات سورية

شو حكى السطل

أعرف أن نصف القادمين ليقرؤوا هذه التدوينة يتوقعون سطلاً من نوع آخر يعني بني آدم سطل ، يحزنني أن أخذل أمنياتكم الطيبة ، فأنا في الحقيقة مجرد سطل مدور أو مربع و أحيانا مجرد سلة فيها كيس ، و آخر ما ابتدعوه لي وعاء ذو مداس إن دستم ذنبه فتح ذراعيه ليحتضن بكل محبة أجود ما أنتجته الحضارة الإنسانية من الفضلات !
تبدأ حكايتي عندما يعطس أو يمخط أحدكم و لا تنتهي إلا بأن يمسح قفاه بعد وجبة غذاء ثقيل ، لأتحول إلى حضن دافئ لشتى أنواع الفوط و المحارم ، و لتفوح مني أجمل الروائح العطرية التي تزكم الأنوف ، في بيت العائلة يتم الترحيل ببساطة قرار تصدره وزارة الداخلية ( الأم ) لأحد الأولاد لأعود نظيفاً ، و لكن في بيت يسكنه شباب من شتى الأعمار فتحتاج إلى الله و أنبيائه و هبل و اللات ليضعوا مخططاً لتحديد دور  من سيقوم بإفراغي ، لأنو ما شاء الله ما أنشط الشباب لما يصنعوا الزبالة ، بس لما يأتي دور تنزيلها فكلهم على طهارة و لا أحد يرضى بأن يفسد وضوءه !
في الشارع تختلف الحكاية ، و تتكوم كل فضلات بيوت الحي ، الحاوية الكبيرة بعيدة جداً ليس بأقل من مئة متر ، و لذا فالرصيف المقابل هو أنسب مكان لتستريح فيه الأكياس المتخمة و غير الموضبة لتسمح لبعض القمامة بالانسلال إلى أرض الشارع لتمارس واجباً وطنياً بإضافة أجمل البقع ، فالمارة ليسوا أحق منها و هم يقذفون قاذوراتهم و بصاقهم كيف ما اتفق ، و لا تفاجئ عزيزي الماشي أو الراكب بالسيارة إذا أصابك سائل ما فالقضية مجرد سائق برد فنجان قهوته فأحب التخلص منه ، فكان من نصيبك ، لا تكبرها كتير اعتبره عصفوراً أصابه إسهال حاد فافرغ حمولته عليك !
بقي مرحلة قبل أن نصل إلى الختام ، عمال النظافة بارك الله سعيهم منذ أن جلس الرئيس على مائدتهم ما عادوا يحاكون ، الدوريات الراجلة و المزودة بأحدث أنواع المكانس و الكريكات و البراميل لتنظيف الشوارع ، الدوريات المتحركة مزودة بأجهزة تراكتور لإزالة أكياس القمامة التي ألقاها الأخوة المواطنون ، كميونات الزبالة اختصاص حاويات كبيرة ، كل هذا و أكثر و مازالت طرقاتنا مسكونة بأجود أنواع الوسخ و القذارة …
و تصل الرحلة إلى المكب الكبير …. أكبر مصدر تلوث في المدينة ، منبع لكل أنواع الحشرات الزاحفة و الطائرة و الأمراض السارية و المنتقلة و أمراض سمعنا بها و أخرى لم نسمع آتية على الطريق ، و لتزيد الطامة عندما يشعلونها لتندلع سحابة من الدخان الأسود أسوء من إشعاعات مفاعل تشرنوبل الذي أنفجر ، و مع المياه المبتذلة من مجاري الصرف الصحي … ابتسم عزيزي المواطن لقد أديت و بكل فخر دورك الوطني في تحويل وطنك إلى …. و الله ما بعرف أي تسمية تليق به ، ربما الوطن الجاموقة !

http://nawarshash.com/?p=6394

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى