خلف علي الخلف في الطريق الى عبد الرزاق عيد
أحمد مولود الطيار
ينتصر خلف علي الخلف لعبد الرزاق عيد- مقاله “طائفية” عبد الرزاق عيد وقضية شهود الزور” موقع جدار الالكتروني بتاريخ 22/11/2010 – دافعا عنه تهمة الطائفية التي يضعها بين مزدوجين في عنوان مقاله المشار اليه والذي يفتتحه مدافعا عن عيد عبر محاولة ايجاد مشابهة بين قضية اغتيال الحريري وقضية شهود الزور، حيث تم تغييب الأصل لحساب الفرع. ويرى أنّ ما يجري بحق عيد، هو أيضا تغييب لطائفية النظام والتركيز على عيد واتهامه بما ليس فيه، رغم تسجيل الخلف موقفه الرافض لخطاب عيد شكلا، ولا يعتقد “أنه يقدم إضافة تذكر سواء لعيد نفسه أو لأي خطاب نقدي تأسيسي أو حتى سياسي يتوخاه النشاط السياسي المعارض للسوريين”.
بالطبع لا أريد هنا مناقشة طائفية أو لاطائفية الدكتور عبد الرزاق عيد. فقط أحاور ما أسفر عنه خطاب عيد والنتائج التي تمخّضت عن ذلك الخطاب والذي ابتدأ منذ خروجه من سوريا حتى انتخابه رئيسا للمجلس الوطني لاعلان دمشق في المهجر. والأمور كما يُقال بخواتيمها.
ظنّي المتواضع أن مقال الصديق خلف يقع فيما يمارسه اسلاميون “وعيا ودراية” عبر منهج “القياس”، حيث كل حاضرهم مستقبلهم يقيسون عليه عبر “سلف صالح”، فان تعذر القياس في واقعة لا قياس لها في الماضي التليد، يتم “الاجتهاد”، وبقية القصة يعرفها خلف أكثر مني . بالطبع خلف يمارس القياس هنا على مثال سئ جدا هو النظام السوري، ومنهج القياس يوصينا أن يتم على “مثال سام”، وهنا مطبّ اخر وقع فيه مقال خلف.
لايكفي أن نقول أن النظام طائفي لكي نبرّئ أنفسنا ونصبح اتوماتيكا في المقلب الآخر. ولا يكفي في دفاع خلف أنه قال بأن القصة يا جماعة هي اغتيال الحريري وليست شهود الزور، خاصة وأن خلف يتهم خطاب عيد بأنه خطاب تثويري تعبوي شعبوي كائنا من كان قادراً على كتابة ذلك الخطاب (…..). ومرة أخرى أوكد أنني هنا لا أريد أن أثبّت أن الدكتور عبد الرزاق عيد طائفي، انما لو ثبت من خلال ما أسفر عنه خطابه نتائج تضر بالنسيج الوطني في سوريا، فذلك خلل في الخطاب يتحمل مسؤوليته منتُِجه. وعندها، لا يكفي هنا أن نرمي كل التهتك الذي يصيب المجتمع السوري على النظام وحده، يجب أن نتحمّل جزءا من تلك الجريمة، ولا ينفع أيضا هنا أن نقول “فعل أو رد فعل” ففي ذلك استقالة وهروب من المسؤولية.
غلبة السياسي على المفكر
قبِل عبد الرزاق عيد أن يخوض غمار السياسة بكل ممارساتها وتكتيكاتها وتحالفاتها، لا بل وكل حرتقاتها – هذا حقه – واستطاع أن يكون بالأصوات التي حصدها رئيسا للمجلس الوطني لاعلان دمشق في المهجر – نقول له ألف مبروك – ولكن، هنا أقول لخلف الذي يعيب على عيد خطابه التثويري التعبوي الشعبوي، أن مقالك لم يكترث كثيرا بين عبد الرزاق عيد المفكّر وعبد الرزاق عيد الذي دخل دهاليز السياسة. ولولا هذا الخطاب التثويري التعبوي الشعبوي الذي ينسج مثله الكثير من السياسويين لما كان عبد الرزاق عيد رئيسا للمجلس الوطني لاعلان دمشق، لأنه فقط، وعبر هذا الخطاب، يحصد أصوات كثير من الاسلاميين، وكل من يحب رفع سقف شتم النظام – قادر بهكذا خطاب، عيد أم غيره، الفوز بأي انتخابات في سوريا في ظل الأوضاع التي نعيشها.
وأعتقد أن الدكتور عبد الرزاق عيد ومنذ خروجه من سوريا، أوجد وعبر خطابه، البنية التحتية ان جاز التعبير، لهذا الفوز الذي تحقق. وهو خطاب تمّ انتاجه أولا، بفعل التجربة القاسية التي رافقت منتجه من سوريا الى لبنان الى فرنسا، وثانيا عبر تغلب عيد السياسي على عيد المفكر. والا ما هي القيمة الفكرية التي يستحصل عليها القارئ لمقالات عيد التي كتبها بعد خروجه من سوريا؟! – شخصيا لم استطع اكمال مقال واحد لصاحب كتاب ياسين الحافظ والفوات الحضاري الذي التهمته مرتين. ليست “السياسة” هنا كي لا نظلمها، انما “السياسوية” التي يهمّها نتائج ظرفية لا تقيم طويلا، ضاربة عرض الحائط بالاستراتيجيات بعيدة المدى، تلك التي ننتظرها من قامة فكرية بحجم عبد الرزاق عيد.
النتيجة الثانية والمتبوعة على الأولى، وما أسفر عنه خطاب عيد الموسوم بالطائفي، صدى هذا الخطاب عند الطائفة العلوية:
من الصعب في ظلّ وضع مغلق كما هو الحال في سوريا، اجراء إستقصاء أو إستبيان أو استطلاع، حول ردود الفعل، وكيف تمّ تقبّل خطاب عيد، وتحديدا المنشور بعد خروجه من سوريا. انما يمكن تتبّع الصدى عبر ما يتمّ تناقله شفاها، أو من خلال الحوارات التي تجري على الانترنيت أو التعليقات في المواقع اللالكترونية. أجزم، وربما يشاطرني الكثير هذا الرأي، أنّ مثقفين وكتاب ونشطاء يتحدرون من الطائفة العلوية الكريمة غير راضين بالمطلق عما يسببه لهم خطاب عيد من إحراج أمام مواطنيهم المتحدرين من نفس الطائفة، أو من لا يزال يحافظ ومتمسكا بمذهبه. والجملة التي تحضر دائما على شفاههم: “ان كنا بهكذا أوصاف عند مفكر كبير كما تقولون، فكيف نكون عند من أقل منه علما وفكرا”.
ختاما، خطاب عبد الرزاق عيد طائفي أم لا؟ هذا متروك لدراسات نقدية يقوم بها من هم أقدر مني في امتلاك مناهج ووسائل النقد. انمّا على الأرض، أستطيع أن أقرر وبكل راحة ضمير، لو ترشح الآن عبد الرزاق عيد لرئاسة الجمهورية في سوريا فانه سيحصد الكثير الكثير من أصوات السنّة والقليل القليل من أصوات العلويين. وأظن هكذا نتيجة لا تُرضى عبد الرزاق عيد المفكر. غير ذلك، تصبحون على وطن.
• كاتب سوري