استيراد أبطال
جرت العادة على أن يميل البشر للحلم والخيال هرباً من الضغوط والصعوبات التي يواجهونها ، فالشريحة الكبرى من أي مجتمع يقارب ويحاكي مجتمعنا هي الشريحة المسحوقة أو الآيلة للسحق ،فلا خيارات متاحة ولا حلول مرضية تساهم في تسهيل عملية “ المعيشة “ ومستلزماتها مادياً واجتماعياً وثقافياً ، بل إن من تضمهم هذه الشريحة باتوا قانعين بما استطاعوا أن يحصلوا ولا طموح أو أمل يلوح في الأفق .
أحلام اليقظة ، والخيالات الورديّة هي حبوب “مورفين” ربما تساعد على الهرب مؤقّتاً من واقع مفروض ، فمن لا يملك الزاد لا ضير في أن يحلم بمائدة منزلة من السماء بما لذّ وطاب ، ومن لا يملك المال فليقرأ حكايا علاء الدين والأميرة والجنّي ، ومن لا يملك القوة فليشاهد بضع حلقات من “غريندايزر ، ساسوكي ، … إلخ “، ومن لا يملك حرية القرار والخيار فليحمل صليبه وليتبعني ، أو ليقتني أيقونة تحمل صورة غيفارا أو لينين
ومن هنا تأتي ضرورة وجود البطل الخارق الذي لا يُقهر ، فوجوده حتمٌ لا بدّ منه لتعويض نقص في مفردات شخصياتنا وعَوَزٍ في عقولنا ، بل هو نافذة للانطلاق وتفريغ شحنات الحماسة والجسارة .
– فريق كرة قدم عالمي يملك من اللاعبين ما لا يصعب حصره عدداً ، ويصعب إحصاءه قيمةً ماليةً . هؤلاء شبان يملك الواحد منهم من المال ما لا تملكه خزينة دولة بما حوت . واحد من هؤلاء يمكن أن يتخذ بطلاً ، فلا مشكلة قسائم تدفئة لديه ولا غلاء في الطماطم يؤثر عليه ولا صعوبة في الزواج والـ “ مصاحبة “ تقف في وجهه .
– كتبتُ منذ فترة على صفحة “الفيسبوك” : مشكلتنا الرئيسية الاولى والأخيرة هي : أننا نبحث دائماً عن “ بـ طل “ ، وإن لم نجد ، ننصب واحداً خرافياً كما حدث ويحدث ، ثم نبدأ باستثمار وجوده بما يخدم غاياتنا ومشاريعنا .
وقصدتُ طبعاً فصل الباء عن “ طل “ في تلك الكلمة إشارةً إلى تلك الفتاة التي غدت حديث الجميع على كل المنابر، حيث أشيع خبر اعتقالها فتهافت الشباب من مختلف الجهات للشجب والاستنكار وحشد الآراء وتجييش الأقلام وإقامة حملات الدفاع .
لن أقول كلمة “جميع “ كي لا أقع في خطأ التعميم ، بل أقول : أغلب من تجيّش في هذه الحملات لا يعرف شيئاً عن الموضوع ولا يدرك حقيقة الأمر ، لكنه وجد الأصدقاء والمثقفين و” المتمثقفين “ قد اشتركوا في تلك “العراضة“ فقال : لمَ لا ، لن يكلفني الأمر أكثر من ضغطة زر وأصبح من حزب البطل .
http://iconsman.wordpress.com/