صفحات ثقافية

ندى الحمصي تلك العاشقة للمسرح

null
أنور بدر
رغم مرور السنوات، لا تزال صورة الفنانة ندى الحمصي في ذاكرتي تعود لمنتصف سبعينات القرن المنصرم، هي تلك الصبية الصغيرة التي تقفز فوق دولاب الترعة في الديكور الذي صممه نعمان جود لمسرحية الراحل فواز الساجر ‘رسول من قرية تاميرا للسؤال والاستفسار عن مسألة الحرب والسلم’ عن نص الكاتب المصري محمود دياب، والذي قدم باسم المسرح الجامعي، وشارك لاحقا في مهرجان دمشق المسرحي حيث اعتبره النقاد من أفضل عروض تلك الدورة.
بالطبع كان لندى الحمصي مشاركات فنية قبل ذلك لم تُتح لي متابعتها، فشاركت مع المسرح الجامعي بعرض ‘الكلاب والصمت’ للمخرج جميل عواد، وكانت سنة أولى لغة انكليزي، وقبل ذلك شاركت مع زيناتي قدسية في عرض ‘وجوه عبر الموت’، واستمرت مع المسرح الجامعي بعرض ‘مقابلة في بيونس آيرس’ للمخرج توفيق المؤذن.
كذلك اشتغلت في عرض ‘الحفارة’ مع المخرج جواد الأسدي للمسرح العمالي، وتابعت معه في عروض المسرح الفلسطيني ‘العائلة توت، خيوط من فضة، ثورة الزنج’ حيث رسخت حضورها المبكر كنجمة على خشبات المسارح السورية المتألقة ذلك الحين. كما اشتغلت مع وليد قوتلي في عرض ‘لكع بن لكع’.
النقلة الهامة في مسيرتها الفنية كانت من خلال مركز إيماء دمشق الذي أطلقه معها الدكتور رياض عصمت الذي أصبح الآن وزيرا للثقافة في سورية، وقدمت معه عروض ‘برج الحمام، الإختيار’ ثم قدمت بالاشتراك مع ماهر صليبي عرض الطابعان بتوقيع الدكتور محمد قارصلي مخرجا.
وتابعت مع قارصلي في عروض إيمائية كثيرة ضمن تجمع موزاييك وهي: ‘فجر وغروب فتاة تدعى ياسمين’ الذي حصلت من خلال دورها فيه على جائزة أفضل ممثلة في مهرجان المسرح غير الناطق في الهند وفي مهرجان توياما المسرحي في اليابان، وعرض ‘سعده ..سعده’ وعرض ‘لقاء’ من إنتاج موزاييك ومركز سلام لوتس الياباني، ثم عرض ‘إمرأة نساء’، وكلها من تأليف وإخراج الدكتور قارصلي.
وحتى بعد هجرتها إلى كندا لم تنقطع عن المسرح وعن همومها كامرأة وكعربية، فاشتغلت مونو دراما غير ناطقة باسم ‘جعجعة بلا طحين مع المخرج الكندي ‘مارك إنغرام’، ومونو دراما قصيرة بعنوان ‘الطفل الذي لم يولد’ تأليف وإخراج ‘ديانا مونله’ من أصول رومانية. وعملت في عروض إيمائية أخرى مع ‘إيتونم أوتون’ كندي أهمها ‘ across The veil عبر الحجاب ‘ الذي يتناول قضية التفرقة العنصرية في الغرب.
وهي الآن تعمل ممثلة وإدارية في تجمّع فضاء الثقافات المتعددة في كندا، ومن خلال هذا التجمّع قدمت قبل أيام في مدينة دمشق مسرحية بعنوان ‘ THE LAST 15 SECONDS – آخر خمس عشرة ثانية’ للمخرج مجدي أبو مطر.
بمناسبة هذا العرض وبمناسبة تكريمها في مهرجان دمشق المسرحي الخامس عشر كان لـ ‘القدس العربي’ هذه الوقفة مع الفنانة المتألقة دائما وعاشقة المسرح أينما كانت. فحدثتنا عن عرضها الأخير ‘آخر خمس عشرة ثانية’ الذي ينطلق من مفارقة أن المخرج السوري مصطفى العقاد الذي سعى طوال حياته من أجل تحسين صورة العرب في العالم، وقدم فيلم ‘الرسالة’ عن ظهور الإسلام، وفيلم ‘عمر المختار’ عن المقاومة الليبية للاستعمار الإيطالي، وكان يحضر لفيلم صلاح الدين الأيوبي حين قتل مع ابنته ‘ريما’ على يد متطرف إسلامي، في عمليات التفجير الإرهابية بعمان عام 2005، وكان بعض المشاركين في التفجيرات العراقي رواد جاسم محمد عابد وامرأة تدعى ساجدة.
ومع أن الحادثة واقعية والعمل ينطلق من وقائع حياتية، إلا أنه عرض متخيل كما تقول ندى الحمصي، ففريق العمل يتخيل ما يمكن أن يكون من حياة القاتل والضحية، إذ يصبح كل منهما شاهدا على حياة الآخر.
يبدأ العرض بمشهد ‘ساجدة’ زوجة الإرهابي وهي تنوح وتبوح عند نافذة سجنها. تنوح لأنها ارتكبت إثما جليلا بقتلها الأبرياء، وتبوح بحكاية التفجير كما وصلتنا عبر وسائل الإعلام. اسمها ساجدة واسمه رواد.
وتقول ‘ساجدة’ في نهاية العرض عبارة ‘لا أعرف’ وتكرر ‘لا أعرف.. لا أعرف’ فهل كانت تجهل حقا ما أقدمت على ارتكابه، أم كانت تشير إلى جهلنا نحن بما حدث أو بالدوافع!
حمل هذا العرض توقيع المخرج مجدي بو مطر، وتمثيل ندى الحمصي في دور والدة العقاد وجدة الإرهابي، وبديع أبو أشقر في دور العقاد وثلاثة ممثلين كنديين، وقد حاولت الحمصي ومعها المخرج أن لا يكون العرض امتدادا للإعلام الغربي في رؤيته لظاهرة الإرهاب الأصولي.
أما عن تكريمها في هذه الدورة فهي تقول بأنها سعيدة ليس لمجرد التكريم على أهميته، ولكنها سعيدة أيضا أن تستعيد حضورها بين جمهورها السوري بعد تلك السنوات من الغياب.
القدس العربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى