كيف تخلق كيانا انفصاليا تابعا للغرب خلال خمسة أيام؟
ثائر دوري
لو حدث وكنت عربياً أو مسلماً، أو تعيش في دولة عربية أو مسلمة، ورغبت أن تنفصل بمدينتك وإقليمك لتشكل دويلة منفصلة، عليك أن تحصل على دعم الغرب، وللحصول على هذا الدعم إليك النصائح التالية: تذكر القاعدة الذهبية التالية: لا تفكر بالانفصال إن لم يكن لديك ثروة معدنية ومن الأفضل أن تكون بترولية. وإذا لم تكن تملك ذلك فعلى الأقل أن تكون المنطقة التي تنوي الانفصال بها ذات أهمية استراتيجية، أو تقع في خاصرة نظام معاد للغرب. وغير هذه الاحتمالات لا مجال للحصول على التأييد الدولي لمشروعك الانفصالي. فإن كنت تعتاش من زراعة البندورة، أو كان النظام الذي تعيش في ظله تابعاً للغرب فلا تفكر في مشروع الانفصال.
إذا تحقق لديك الشرط الأول فيمكنك ان تنتقل للخطوة التالية، إذ يتوجب عليك لتسير بمشروعك الانفصالي أن تخترع مظلومية ما، إما عرقية إذا كان هناك اختلاف عرقي مع شركائك في الوطن، أو طائفية إن كنت من طائفة مختلفة، أو مظلومية لونية إن كنت من لون آخر، أو مظلومية جسدية، فإذا كان أبناء اقليمك قصار القامة فقل إنهم مضطهدون لهذا السبب، وأن نساء بقية الوطن لا يقبلن الزواج من قصير القامة، أما إن كان العكس فقل إنكم مضطهدون لطول القامة، وان النظام حريص على تصميم البيوت والأبواب لتناسب قصار القامة وهذا اضطهاد صريح لكم. اخترع أي سبب مثلاً قل: إننا نأخذ قيلولة بعد الظهر والتلفزيون الرسمي استضاف طبيباً قال إن هذه عادة غير صحية، أو قل إننا نرتدي الدشاديش والنظام لا يسمح للموظفين سوى بارتداء البدلة الرسمية. لا تكترث اخترع أي سبب وعلى الفور ستتجند وسائل الإعلام الغربية وتبدأ الحديث عن مأساة الشعب القصير مع القوم الطويلين أو بالعكس. أو عن اضطهاد الدشاديش من قبل الطقم الرسمي، وحالاً سينضم للحملة مثقفون من أبناء جلدتك ويبدأون الندب على مصير طوال القامة أو قصارها، و ستستضيف محطات التلفزة الغربية خياطين غربيين يتحدثون عن الدشاديش وفضائلها، ويخرج مصمم أزياء غربي يستوحي الدشداشة في تصاميمه ويخصص ريع ملبوساته لدعم نضالكم، وسينضم نجوم هوليوود إلى الجوقة. لا عليك ما ان تبدأ حتى ينتفخ البالون وبسرعة. المهم أن تبدأ.
ثالثاً وأرجو أن تنتبه لهذه النقطة لأنها جد مهمة: بما أنك تسعى للانفصال في الحاضر والمستقبل فعليك أن تُعمق الانفصال ليصل إلى الماضي. عليك أن تخترع لإقليمك تاريخاً منفصلاً عن بقية الوطن وأن تخترع رموزاً خاصة، وحضارة خاصة ليظهر وكأن شراكتك مع الآخرين في العروبة والاسلام لمدة ألف وخمسمئة عام إنما هي شراكة عابرة، بضع سنين شراكة يقابلها آلاف من التاريخ المنفصل. وإليك باختصار الوصفة التي يجب أن تتبعها:
ابحث عن حجرتين قديمتين سابقتين للإسلام، ثم قل إن أسلافك هم من بناها وعلاّها، وبعدها سيأتي علماء الآثار الغربيون ليتكفلوا باختراع حضارة وهمية زاهية سابقة للإسلام ومتحللة من العروبة، ثم يضعونها في تناقض تناحري مع العروبة والإسلام.
قل إن شعبك يعود بنسبه إلى الآريين وهذه أسهل طريقة لتلتحق بأوروبا والغرب، وقد فعلها قبلك الشاه البهلوي، وللأسف فقد استولى على الاسم الذي كان يمكنك أن تستعمله ‘أرض الآريين’.
ج – ابدأ بشتم الحضارة العربية ـ الإسلامية بمناسبة وبدون مناسبة وعلى كل المنابر فحتى لو كان النقاش عن الاحتباس الحراري فعليك أن تقول على الفور ‘إن الغزاة البدو العرب الذين حملوا دينهم العنيف واحتلوا أرضنا هم المسؤولون عن هذه الظاهرة’.
سارع لتطبيق هذه الوصفة لأنك إن لم تفعلها فسيفعلها غيرك فكثر يطمحون إلى ما تطمح، اقليم منفصل تابع للغرب تتربع على رأسه أنت وثلة من أمثالك تقومون بدور الوكيل المحلي للغرب فتسلبون وتنهبون وتراكمون الأرصدة في البنوك السويسرية كما تريدون.
‘كاتب سوري
القدس العربي