في تونس والجزائر يتصاعد نقد الأنظمة الحاكمة بفضل الانترنت
الاقتصادي السوري سمير عيطا هو رئيس رابطة الاقتصاديين العرب. وهو يرى انه، في الجزائر كما في تونس، لم تعد الأنظمة الحاكمة قادرة على حجب الواقع الاجتماعي. صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية التقت به (9 كانون الثاني 2011) وأجرت معه حوارا هنا نصه:
[ الشباب الجزائري أو التونسي هل يختلف عن الشباب في بقية الدول العربية؟
ـ كلا، لا يختلف. فكما في بقية الدول العربية، النمو الديمغرافي نحو انخفاض. وما هو في ارتفاع هو عدد الشباب الذين أنهوا المرحلة الثانوية في التعليم ووجدوا أنفسهم في سوق العمل. هؤلاء الشباب ولدوا في السبعينات أو الثمانينات خلال مرحلة النمو الديمغرافي القوي. وهذه الظاهرة تترافق مع ظاهرة أخرى، هي النزوح من الريف. الريف أصبح مهجورا، أينما وقع. الجميع يتوق الى العيش في المدينة، التي تعني الحداثة، وإن كانت لا تنبىء بمستقبل مطمئن.
[ ما هي نتائج هذه الظاهرة؟
ـ النتيجة هي توسّع المدن وتمدّدها، ونشوء ضواح أفقر وأفقر… في الجزائر، في تونس، وأيضا في المغرب، السكن العشوائي يتوسّع، وذلك في مناطق تتضخّم من دون أن تولّد أي أفق مهني.
[ مع ان نسبة الذين دخلوا المدرسة مرتفعة نسبيا….
ـ نعم، ولكن نوعية التعليم الذي يتلّقونه منخفض. فهذه البلدان التي جابهت عجزا في ميزانياتها عالجت مشكلتها هذه، وبوصاية من البنك الدولي، عبر برامج كانت ميزانياتها منخفضة للغاية.
[ هل ساهمت التكنولوجيات الحديثة بتصاعد الغضب الشعبي؟
ـ نعم ساهمت. الانترنت صار الآن موجودا في كل المدن؛ في مقاهي الانترنت تحديدا، هنا وهناك، يستطيع الشباب الانفتاح على العالم الخارجي، والتواصل مع أبناء الشتات المغاربي، ورؤية العالم بعين مختلفة. من يعلم مثلا ان الشباب في العالم العربي هم أبطال “البروكسي”، تلك البرامج الالكترونية التي تسمح بالدخول الى مواقع ممنوعة والمحجوبة من قبل السلطات.
[ ولكن، بما يؤثر ذلك على سلوك الشباب؟
ـ من المؤكد انه كلما تطور استخدام هذه التكنولوجيات، كلما تطور نقد الانظمة الحاكمة. واذا اقتصرت على الجزائر وحدها، فان سكانها لم يقيسوا يوما الى أية درجة متدنّية يستفيدون من معدل نمو إقتصادي بهذا الارتفاع. وهم يفهمون اليوم أكثر من أي يوم مضى، ان ريع النفط تستولي عليه زمرة من الاقوياء. ان هذه الادانة تجدها أكثر فأكثر على الشبكة الجزائرية، التي يدخل اليها الشباب ويغذّونها.
[ الشبكة اذن هي المكان الذي تتبلور بداخله كل الاحتجاجات؟
ـ في الشبكة نفسها لا تحصل الدعوة الى التمرّد. بل يحصل التعبير عن يأس الذين يرفضون مثلا الانضمام الى هؤلاء الشغيلة الذين يملأون الجزائر، الذين يشكلون نصف الأيدي العاملة ولا يحصلون على عقود عمل ولا ضمان اجتماعي ولا تقاعد… ومقابل أوضاعهم هذه، لم تعد الانظمة الحاكمة قادرة على حجب واقع يدينونه أكثر فأكثر.
المستقبل