هل عليَّ حرق نفسي فعلا ؟
شعور المرارة الناجم عن مأساة أمر طبيعي ومبرر، لكن غير الطبيعي أن تفتح بابا إلى الهزل والمزاح على أوارها، هذا يعني أنها مأساة إستثنائية، مأساة ثقيلة ومرة، نهرب منها بالضحك عليها، بجعلها مادة للّهو والسخرية ومصدرا للضحك الحزين!
لهب اليأس وربما السخط وربما التحدي الذي أشعله محمد بوعزيزي أصبح هو الصوت الوحيد الذي يرفع في وجه الحاكم والعالم ليسمع، العديد من الشباب على امتداد الخارطة العربية حولوا أنفسهم إلى مشاعل متحركة، كم مشعل يلزمنا حتى يسمع الحاكم ؟ وكم مشعل نحتاج حتى تحترق أوتاد الكراسي والعروش ؟
هل الإنتحار الذي مارسه البوعزيزي وكل السائرين على دربه هو إعتراف صريح بأن الحياة كثيرة عليهم أو أنهم لا يفهمونها ؟ وما العلاقة بين اللاجدوى من الحياة وبين الإنتحار؟ وما هي الدرجة الدقيقة التي يكون فيها الإنتحار حلا للاجدوى ؟ تساؤلات ألبير كامو ربما لم تعد كافية، لكن وكما يقول أيضا: غالبا ما يحدث أن أولئك الذين ارتكبوا الإنتحار كانوا واثقين من معنى الحياة – هذه تناقضات ثابتة- !
بعض الأصدقاء وعلى هامش المأساة قالوا: معظم الدول العربية أحرق فيها الشباب نفسه وبقيت سورية بدون نار ولا حتى دخان. وسعيا منهم في إيجاد المرشح الملائم لهذه المهمة ارتأوا أنني الأنسب، فأنا صاحب أعواد الثقاب ولا يعوزني سوى القليل من البنزين وبعض العبث لأتحول إلى خبر أول على وسائل الإعلام باستثناء السورية بالطبع 🙂
ماذا لو فعلت؟ هل سيخرج علي مسؤول ما ويقول اتركوه البنزين مغشوش ولن يصيبه شيء ؟ ربما 🙂
على العموم، لا حاجة لسورية والسوريين لتلك الأفعال الطائشة واليائسة، وأعواد ثقابي سأشعلها وأقرضها لمن يقول لا في وجه من قالوا نعم، يعني الأعداء والمغتصبين وكل الذين يدورون في فلك الغرب والصهيونية.
بالنهاية، أمر مفجع ممارسة الإنتحار لإيقاظ الآخرين من سباتهم!
***************
أنصحك يا سعادة السفير أن تكون كالطيار الحاذق: طر مع التضاريس السورية، لا ترتفع كثيراً فتحلق بعيداً من الوقائع الموجودة، ولا تنخفض كثيراً وتتصرف من دون اعتبارات التضاريس حتى لا تصطدم بها، وأذكرك بأنه كي تقبلك الطبيعة عليك أن تنصاع لها. ستأتي إلى بلد يستشعر مواطنوه أن بلادك ذات تاريخ طويل في الانحياز لإسرائيل، يضاف إلى ذلك ما فعلتموه في العراق ولبنان … فلا تتخيل للحظة أنك في مناخ شعبي مواتٍ. ثمة تجربة لعلك سمعت بها قامت بها طوعاً مواطنة تمتلك مطعماً تجاه ديبلوماسي أميركي بسبب سياسات بلادكم. لا أدري كيف ستتصرف إزاء هذا التاريخ، وهذا نوع من التحدي لذكاء ديبلوماسيٍّ ظهره مكشوف في الخارجية وأمامه عالم خارجي مثقل بأخطائها.
في السياسة السورية أعرّفك بلسر الشخصي لدى السوريين: إنهم لا يفاوضون إذا ما استضعفهم أحد. يقرأون المعادلات بدقة ويعرفون أن الحياة صراع وأزمات، وخصوصاً لسورية التي هي في بؤرة الصراع.
أتمنى على السفير الامريكي قراءة هذه الرسالة التي خطها مواطن سوري حر، ولو طُلب من أي طفل سوري كتابة موضوع للتعبير أو رسالة للسفير لما خرج عن الرسالة السابقة، لما للشعب السوري من خصوصية في موقفه المبدأي من كل القضايا المصيرية.
http://www.3bdulsalam.com/