بيان حول الانتفاضة التونسية
التجمع الوطني الديمقراطي في سورية
– في فجر يوم 14/ 1 / 2011 اضطر الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي إلى مغادرة البلاد بعد أن أطاحت انتفاضة الشعب التونسي بنظامه الذي استمر مدة 23 عاماً استمرأ فبها الأستبداد والفساد , ونهب المال العام وقمع حريات المواطنين وانتهاك كراماتهم
بدأت الانتفاضة بحادثة احتجاج فردية مدوية في مواجهة القمع الأمني لمصدر العيش البسيط فكانت الشرارة التي اندلعت في منطقة نائية ثم راحت تتدحرج ككرة الثلج إلى المناطق الأخرى ووصلت إلى العاصمة تونس , بدأتها مجموعة الشباب من الخريجين العاطلين عن العمل وغيرهم , وانضمت إليها منظمات وهيئات حقوق الانسان والنقابات المهنية والصحافية والعمالية والاتحاد الطلابي ثم التحقت بها أحزاب المعارضة السياسية وتحولت إلى انتفاضة ثورية اجتماعية سياسية جامعة لإنهاء حكم الفرد ونظام الحزب الواحد وعقلية الاستئثار والأحتكار والتعالي على المجتمع , ولم تتمكن أجهزة الأمن من مواجهة زخم الأنتفاضة وسرعة انتشارها رغم استعمال الرصاص الحي , وقتل العشرات وجرح المئات من مناضلي الأنتفاضة الشعبية , وفشلت محاولة النظام في دفع الجيش الوطني لمواجهة الشعب الغاضب , فلم يعد أمام الطاغية خياراً سوى الفرار , بعد فشل القمع والوعود الكاذبة ومسلسل التنازلات الإضطرارية الهادفة للالتفاف على النتائج ، وحافظت الانتفاضة على طابعها السلمي الحضاري.
تركت انتفاضة الشعب التونسي اثارها في بلدان المغرب العربي , وفي مصر إذ سبقتها احتجاجات غاضبة في مصر والجزائر والمغرب , وترقب قلق في ليبيا , التي ساهم نظامها في تهريب بن علي .
كما ان بعض الدول الغربية والإدارة الامريكية التي كانت تعتبر النظام التونسي نموذجا في التنمية والأستقرار , والتشجيع على الاستثمار الأجنبي في تونس وتسكت عن تجاوزاته عل الحريات السياسية وخقوق الانسان وإلغاء الحياة السياسية , فوجئت بدورها بهذه الانتفاضة , وأبدت قلقها على مصير النظام , إلا انها اضطرت إلى التراجع وتغيير موقفها من حركة الشعب التونسي بعد ان تبين لها تصميمه على التغيير وأستعداده لبذل التضحيات في سبيل انتزاع حريته , وتحرير إرادته واستعادة دوره في اختيار ممثليه وإدارة شؤنه السياسية والاقتصادية والاجتماعية , على المستوى الوطني والعربي والدولي .
لقد اكدت الاحداث ان العامل الداخلي في التغيير والتحول الديمقراطي هو العامل الاساسي والحاسم وهو وطني بامتياز يرتبط بالمصلحة الوطنية العليا وان العامل الخارجي ثانوي ويرتبط بمصالح الدول وسياساتها ويتبدل حسب اولوياتها سلبا أو ايجابا.
كما أكدت الاحداث أن الأستقرار الظاهري الذي يستند إلى التضييق والتشدد والقمع والملاحقة والاعتقالات والأحكام الظالمة والحلول الأمنية هو استقرار هش يكرس الخوف والجمود , والتوقف عن النمو والتطور , ويولد ظواهر التوتر والاحتقان في غياب المبادرات الجريئة والحلول السياسية , والتنمية المتوازنة المستدامة , والعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة الوطنية , والرقابة الدستورية والشعبية , وهيمنة السلطة التنفيذية وأجهزتها على السلطتين التشريعية والقضائية والإعلام.
إن انتصار الانتفاضة الثورية للشعب التونسي فتح الباب على مصراعيه أمام التحول الديمقراطي , والتمهيد لتشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية تمثل الفعاليات الاجتماعية والثقافية والنقابية , والقوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني وترسي الاساس المتين للوحدة الوطنية , والعدل الاجتماعي وتحمي الانجاز التاريخي للانتفاضة وتنهي فلول العصابات التابعة للنظام وتحاسب المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق الشعب التونسي والمتورطين في الاستبداد والفساد ونهب المال العام ، وتلحق الدولة التونسية بركب الدول الديمقراطية المتحررة في اسيا واوربا الشرقية وأمريكا الجنوبية .
ان تداعيات انتصار الانتفاضة الثورية في تونس والدروس المستفادة منها كثيرة اهمها:
1- محاصرة نظم الاستبداد والنهج الشمولي في المنطقة العربية ودفعها لمراجعة مواقفها حول الاصرار على النهج الشمولي وفكرة الحزب الواحد , والإستئثار بالسلطة واحتكارها وعدم الاعتراف بالاخر , وعدم احترام الرأي الاخر المعارض , وتمسكها بصيغ التعددية الشكلية , والانتخابات الشكلية , والقوانين والمحاكم الأستثنائية , بدلاً من المبادرة لاتخاذ خطوات جدية على طريق الأصلاح السياسي والاقتصادي والاداري , التي يؤدي تراكمها إلى التحول والتغيير الديمقراطي الشامل سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا , وبناء دولة المؤسسات وسيادة القانون والعدالة الاجتماعية .
2- تعزيز الثقة بقدرة شعوب المنطقة على الانتفاض والنهوض والتغيير الديمقراطي مهما عزت التضحيات , وإنهاء حالة الاحباط السائدة التي فرضتها وعمقتها ظواهر الاستبداد والفساد السائدة .
3- تهافت طروحات بعض القوى المناهضة للاستبداد والتي ترهن خيار التغيير بالاستقواء بالخارج مما يعرض الوطن لتدخلات خارجية خطرة اقلها الالتحاق بمشاريع لا تعبر عن المصلحة الوطنية العليا.
إن التجمع الوطني الديمقراطي في سوريا يحيي الشعب التونسي العظيم وانتفاضته الثورية التي أعادت الروح للشارع العربي ، وجيشه الوطني الذي انحاز الى الشعب , ويقدم العزاء لعائلات شهداء الانتفاضة المباركة , ونأمل الشفاء العاجل للجرحى .
ويتابع باهتمام مسيرة الشعب التونسي الشقيق ويهنئه على الانعتاق من الطغيان والظلم والانتقال إلى رحاب الحرية والتحرر من الاستبداد والاستغلال , ويثق في قدرته على بناء الدولة التونسية الفاعلة والمتفاعلة مع إطارها العربي ومحيطها الإقليمي ودورها الدولي .
دمشق 17/1/2011 القيادة المركزية