ثورة مصر

لم نعد فى حاجة لأحد

عماد سيد أحمد
فجأة خرج الشباب للشارع دون تردد ودون خوف ودون أى من قيادات المعارضة التقليدية المعروفة، خرج الشباب وحيداً بدون ظهر يحميه، ولكن ببطون عارية مكشوفة ولا يتحصن الشباب بشىء أكثر من إيمانه ببلده وثقته فى نفسه وبعدالة مطلبه. لكن كيف خرج الشباب ولماذا وما الذى يحدث فى الشارع؟ كلها تساؤلات عالقة بلا إجابة.
وهل تتذكرون عندما اندلعت المظاهرات فى إيران أثناء وبعد الانتخابات الرئاسية الماضية.
واشتعلت الأوساط الطلابية تنادى بالتغيير، فإن الدوائر الرسمية المصرية أعطت اهتماماً كبيراً، وقتها على غير العادة لما يجرى هناك.
وبقدر ما بين النظام المصرى والنظام الإيرانى من خصومة، بقدر ما سعدت القاهرة وشعرت بالارتياح لنجاح النظام الإيرانى فى قمع التظاهرات الطلابية، وإعادة الأمور إلى نصابها.. فقد اطمأنت القاهرة إلى أنها تستطيع أن تواجه انتفاضة مشابهة إذن، والآن هى تواجه الاختبار. فجوهر ما يحدث فى مصر هو الشباب وليس البرادعى ولا أيمن نور ولا جماعة الإخوان المسلمين ولا حزب الوفد ولا غيرهم، وهذا لا يعنى التقليل من شأن أحد، فجميعهم شخصيات وأحزاب تحسب لهم المشاركة فى العمل العام. لكن الموضوع فعلاً هو الشباب الذين هم أول من طرح اسم البرادعى، واقترحوا ترشيحه للمنافسة فى انتخابات الرئاسة، وهؤلاء الشباب هم وقود ٦ أبريل ووقود جماعة الإخوان ووقود المجتمع المدنى، وكانوا وقود حزب الغد وحركة أيمن نور.
وهؤلاء الشباب عندما كانوا يدافعون عن البرادعى باستماتة، إنما كانوا يدافعون عن حلمهم لأنهم قاعدة تفتقد القيادة، طاقة تحتاج لتوجيه مياه متدفقة فى مجرى ليست له ضفاف وسرعان ما تتشربها الأرض القاحلة، أما الآن فقد عرفنا الطريق وحدنا، ولم نعد فى حاجة لأحد.
مصر الرسمية أبدت اهتماماً بإيران المضطربة، التى كانت على كف عفريت، لأنها تدرك أن التشابه كبير بيننا وبينها، فإيران التى كانت عام ١٩٧٦ حوالى ٣٤ مليون نسمة، أصبحت فى عام ١٩٩٦ أكثر من ٧٢ مليون نسمة، وما يقرب من ٧٠٪ من الإيرانيين تقل أعمارهم عن ٣٠ عاماً، وفى مصر الوضع لا يختلف عن هذا.
وللتوضيح أكثر فإن هناك نظرية سياسية شهيرة للعالم «شيفر» وصديقه «ماتوسيان»، وهى نظرية تفسر جذور الاضطرابات داخل الدول والمجتمعات.
وخلاصة هذه النظرية أن حدوث زيادة مفاجئة غير عادية فى عدد السكان تتجاوز تلك التى يمكن لنظام اقتصادى اجتماعى ما إن يستوعبها، يجعل هذا البلد مرشحاً للانفجار فى أى لحظة.
وتوضح تلك النظرية أنه عندما تكون تلك الزيادة فى السكان مقترنة بزيادة كبيرة فى نسبة صغار الراشدين من الذكور، فإن هؤلاء من المحبطين يكونون بمثابة المخزون الاستراتيجى، الذى يوفر وقود الحركات السياسية.
ومن المعروف أن العنف السياسى ينشأ نتيجة تراكم الإحباطات وخيبة الآمال.
وانسداد الأفق السياسى الطبيعى لا يثمر شيئاً سوى المزيد من الحركات الاحتجاجية التى تظهر مرة لسبب اقتصادى أو سبب اجتماعى أو سبب سياسى مباشر، وهذا ما يحدث الآن فى مصر.. إذن الموضوع هو نحن الشباب وليس أحداً آخر..
المصري اليوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى