يا مبارك أعرب ما يلي: الشعبُ .. يريدُ.. إسقاطَ النظام
ناصر فرغلي
المصريون هتفوا.. الشعب يريد اسقاط النظام
الشعبُ:
مبتدأ وأول وآخر، وفاعل مرفوع على الأعناق. أمس في تونس واليوم في مصر وغدا في كل مساحات القمع العربية، وجيوب التخلف التي ظنت نفسها آمنة، محتمية بالنفط تارة، وبفزاعة المد الإسلامي تارة أخرى.
الشعب الذي انضغط سنوات في طابور الخبز والغاز والمعاش، وتغييب الوعي بالإعلام الفاسد، وتقنين الرشوة والشحاذة كمصادر للدخل تفوق عائدات قناة السويس والبترول. هذا الشعب اليوم هو الفاعل يا سيدي الرئيس، ويا سيدي البيت الأبيض، ويا سادتي منظمة التجارة والصندوق والبنك وكوكاكولا.
الشعب عنقاؤكم التي لا تموت، وتغضب، وتطارد وتؤرق وتقتص.
بالعولمة قيدتمونا، وبالعولمة نحطم القيد. بالإنترنت والفيسبوك والمدونات. روجتم بها لفتح الحدود أمام المرسيدس والهامبورغر والجنس، وروجنا نحن بها للغضب منكم وعليكم وعلى وكلائكم المعتمدين في قصور قرطاج والقبة.
يريدُ:
فعل مضارع، هو سيد الأفعال. فعل الإرادة التي تتماهى في القدر ويتماهى القدر فيها. لم يعد شبابنا مسلوب الإرادة، ولن يعود أبدا إلى ما قبل يناير 2011. لقد اختبر نفسه واختبركم، عرف قوته وضعفكم، أحس بصلابته ولمس ارتعاشكم وسمع اصطكاك الركب في ليالي القصور الموحشة. واليوم تتهاوون كالهياكل الفارغة الميتة منذ زمن طويل.
لقد انطلقت إرادة الشعب، ونطقت، ولا راد لها. فقد صار الشارع لنا ولن نفرط فيه، لن نسير عليه ثانية كضيوف عابري سبيل تطردنا أضواء المحلات وتزاحمنا عجلات السيارات الفخمة ويخنقنا غبار الحاجة وقصر اليد.
الشعب فاعل، والإرادة هي فعله، والشعب يريد.
إسقاط النظام:
مفعول به. لم يعد النظام مفعولا لأجله، ولا مطلقا كالأبدية والأزلية. هو نظام هش لأنه لا يستمد قوته من قوى الشعب، بل يستمدها من العصا.
ولا تخطئوا يا سادة في فهم ما يعنيه النظام، فهو أشمل بكثير مما تأملون، وانتبهوا جيدا:
ليس النظام هو الرئيس، فالرئيس جزء منه، رأسه ووجهه. وكذلك ليس النظام الذي يسقط ويتساقط وسيتساقط ما دام الشعب أراد، ليس جوقة الرئيس من القدماء والمحدثين، المخضرمين والعصريين، باعة الكلام وباعة الحديد وباعة الأفكار، إنه كل هؤلاء وأكثر.
إنه النظام:
كل الأحزاب والوجوه التي ارتضت مقاعد المعارضة الوثيرة وتاجرت بأشرف الكلمات، كلمة (لا) في الاستوديوهات المكيفة وأمام العدسات لا في الشارع وأمام الرصاص الحي أو حتى خراطيم المياه. كل من ظل يزن الأمور بميزان المصلحة السياسية الضيقة وحرم أنصاره من أن يكونوا أحرارا وطبيعيين في انتمائهم لنسيج شعب مصر، سيسقط مع النظام الساقط، وأخص من هؤلاء قادة حركة الإخوان المسلمين وقيادات الكنيسة، بل أذهب أبعد من ذلك: فكر دولة الإسلام، وفكر الحقوق المؤسسة على الطائفية: وداعا، أو هكذا يجب أن يكون.
كل الإعلام الذي تقاعس عن نقد الرئيس مبارك شخصيا هو إعلام جبان رخيص مزيف تجاري ليست له مصداقية وليس له مكان في مستقبل مصر، مهما أوهمنا بالمهنية والنقدية الزائفة في أن ينتقد وزيرا هنا أو مسؤولا هناك. هذا هو المعيار.
كل الفن التافه الذي طبل للحياة في مصر وكم هي وردية في العصر الآخذ في الزوال لن يكون له مكان، وسيسقط مع النظام لأنه جزء منه.
كل من تشدق وتمطى وتنطع وأطلق على نفسه أنه (رمز من رموز مصر)، نشكره لأنه أراح الشعب وأدان نفسه بنفسه، لأن كل من صعد تحت جناح هذا النظام وتربى في حضنه متهم حتى تثبت براءته.
لقد أظهرت أيام الغضب كم أن الشرفاء في النخبة المصرية قليلون قليلون. وعلى رأسهم هؤلاء: حمدين صباحي المناضل القديم الجديد، إبراهيم عيسى صاحب الكلمة الشجاعة، جميلة اسماعيل، محمد عبد القدوس، الفنان عمرو واكد، محمود سعد برفضه أن يكون بوقا للنظام في يوم الجماهير….
وآخرون كانوا في قلب جماهير مصر حينما قررت أن تريد وأن تتحدى إرادة العصا بصدورها. هؤلاء فقط لهم مكان في مستقبل مصر، وكل من عداهم هم جزء من النظام.
والشعب.. يريد.. إسقاط النظام.