إذا كنت مصرياً فلا تقرأ هذا المقال
إن ما يحدث في الشارع الآن، يحدث من أجلك
محمد سعيد محفوظ
ماذا تفعل هنا؟ لماذا تجلس هكذا، وتقرأ الأعمدة والمقالات في أريحية واستسلام؟ ليس هذا هو وقت القراءة.. هذا هو وقت الفعل.. هذا هو وقت الجد.. هذا هو وقت التحرك.. مكانك في الشارع مع إخوانك وأخواتك، الذين غادروا بيوتهم وهم لا يعلمون متى سيعودون إليها.. حطَّموا حاجز الخوف والفزع من أسلحة وقنابل الشرطة والأمن المركزي.. نذروا دماءهم ثمناً لتحرير مصر من قيد الظلم وقبضة الفساد..
التردد في قاموس الثورة له اليوم مرادف واحد، هو الخيانة.. إذا فكرت لحظة واحدة قبل أن تنتفض من مقعدك أو فراشك وتنطلق إلى الشارع، فسيعني ذلك أنك لست مصرياً، وأنك كنت تكذب وتحتال على الوطن عندما غنيت له: مصر هي أمي! إذا رأيت أمك في الشارع تتعرض للضرب والإهانة، هل ستجلس كما تجلس الآن؟ هل ستتخلى عنها؟ هل ستتركها لتموت؟ كيف ستشعر إذا سمعت صرخات أمك وهي تستغيث بك؟ هل ستعرض عنها وتتجاهلها، كما تتجاهل صيحات وهتافات الثائرين في الشوارع الآن؟ من رضع من نيل مصر ولو رشفة واحدة، عليه أن يسدد ثمنها.. ورشفة من نيل مصر تساوي حياة.. ومصر لا تطلب حياتك.. وإنما وقفة في وجه من ظلمها وسرقها وعاث فيها فساداً.. مصر تئن من الحجر الثقيل الجاثم على صدرها منذ سنين.. تتمنى لو نرفعه عنها لكي تتنفس وتعيش مثل بقية الدول الحرة..
هذه الكلمات التي تقرأها الآن ليست بأفضل من الهتافات العفوية التي تنطلق من الحناجر.. لن تدخل التاريخ بقراءة مقالي.. ولن تحظى بالكرامة إذا بقيت تقلب في الإنترنت عن أخبار المصابين والقتلى، كي تبرر خنوعك وتخاذلك.. لن تستحق مصريتك إلا بالانغماس في تيار التغيير والتطهير، والانخراط في الثورة الكاسحة التي ستبدل وجه بلادنا.. بماذا ستجيب أبناءك إذا سألوك: أين كنت وقت الثورة؟ كيف ستنظر إلى نفسك في المرآة إذا أصيب جارك أو قتلت زميلتك، وأنت تجلس في غرفتك مسترخياً؟ بأي وجه ستقابل أصدقاءك الذين قضوا الليل أمام عربات الأمن المصفحة، يستنشقون الغاز المسيل للدموع، ويصبرون على البرد والجوع، بينما أنت تنام على فراشك، وتعانق وسادتك؟
إن ما يحدث في الشارع الآن، يحدث من أجلك.. من أجل تعبيد الطريق لك ولأبنائك، كي تعبروا بأمن إلى المستقبل.. من أجل رفع متاريس الخوف والرهبة، كي نتقدم إلى الأمام، ونلحق بقافلة الحرية والكرامة.. فهل تنتظر إلى أن يتحقق كل ذلك، ثم تقطف ثمرته بلا تعب؟ هل ستفعل كما فعل النظام، الذي جمع الثروات على حساب الفقراء والكادحين؟ هل ستظل تعبر عن استيائك بالكلمات، ووقت الجد تتراجع وتختبئ كالفأر؟
قم يا مصري.. قم من نومك، وأفق من سباتك، واستيقظ من غفلتك.. هذا هو عيد الأضحى، الذي يهب فيه المؤمنون أرواحهم من أجل مصر.. قم من مكانك الآن، ولا تتوضأ، فالحشود تغتسل في الشوارع بدمائها، كي تصلي الجنازة على عصر الظلم والقمع والفساد..