ثورة مصر

أوباما ومبارك: هل تذكرون سقوط الشاه؟

كاي بيرد
يعاني الرئيس باراك أوباما من «مشكلة الشاه» في مصر. تعيد الأحداث الأخيرة في مصر إلى الأذهان، تظاهرات طهران في 1978. حينها، اضطرّ جيمي كارتر إلى اتّخاذ قرار من اثنين: البقاء وفيّاً للنظام البهلوي، وهو دكتاتورية دعمتها أميركا لفترة طويلة، أو الاعتبار أنّ الوقت قد حان للتخلّي عن الشاه ومساندة انتفاضة شعبية تطالب بحقوق الإنسان والديموقراطية. حاول كارتر أن يتّبع الخيارين، محوّراً مساندته للشاه، داعياً إلى اللبرلة السياسية، ومحذّراً من استخدام عنف الدولة ضد المتظاهرين غير المسلحين. يبدو أنّ أوباما يتبع السيناريو نفسه، وقد تكون النتائج مشحونة، على نحو مشابه، بتبعات غير مقصودة.
لقد انتهى نظام حسني مبارك الذي دام ثلاثين عاماً. تشير أحداث الأسبوع الماضي إلى أنّ مبارك خسر حتى القشرة الخارجية للشرعية. وكما في طهران في 1978، برز توافق صاعد من الشارع المصري مفاده أنّه يجب على هذا الفرعون أن يرحل. يساند انتفاضةَ الشارع العفوية، لكن غير المكتملة سياسياً، طيف واسع من ناشطي حقوق الإنسان، والديموقراطيين الاشتراكيين الحقيقيين، والناصريين القدماء والمساندين للإخوان المسلمين. أطاح تحالف مشابه الشاهَ في شباط 1979، وكان مؤلفاً من ليبراليين علمانيين وناشطين سياسيين مؤمنين. ومضت أشهر قبل أن يؤسس آية الله الخميني ورجال الدين الشيعة دكتاتورية دينية.
قد يكون هنا مكمن خوف إدارة أوباما: أن يأتي بعد مبارك نظام إسلامي، معادٍ للغرب، الأرجح من خلال انتخاب شعبي يوصل الإخوان المسلمين. إذا حصلت انتخابات، فإنّ هذه النتيجة ليست مجرد احتمال، بل شبه يقين. بعد عقود من قمع المعارضة العلمانية، يبقى الإخوان المسلمون المجموعة السياسية الوحيدة التي تملك أعضاء منظّمين، وقادرة على تقديم خدمات خيرية غير حكومية. ويمنحها ذلك قاعدة سياسية يعتدّ بها في أحياء القاهرة الفقيرة والإسكندرية. ورغم أنّها محظورة كحزب سياسي، تشير الأرقام إلى أنّه لو حصلت انتخابات حقيقية، فإنّ الجماعة ستحصل على أغلبية كبيرة. في الحقيقة، إنّ الإخوان هم مجموعة سياسية أكثر اعتدالاً بكثير من رجال دين طهران. لكن إذا وصلوا إلى السلطة فلن يفشلوا في تذكير الشعب المصري بأنّ مليارات من أموال المساعدات العسكرية الأميركية أبقت مبارك المريض وغير المحبوب في السلطة لثلاثة عقود.
النتيجة الأخرى الوحيدة المحتملة هي انقلاب عسكري يطيح مبارك، وقد يأتي بجنرال يشبهه إلى السلطة. لكن الجيش المصري، حتى الآن، أظهر أنّه لن يطلق النار على شعبه، تماماً كما تردّد جيش الشاه في فعل الأمر نفسه.
نظراً إلى هذه الحقيقة، كيف يجب على إدارة أوباما أن تتصرف تجاه الأزمة الحالية؟ من الضروري أن تجد واشنطن طريقة لتصطفّ إلى جانب القوى السياسية التي تطالب بالتغيير والإصلاح، رغم التاريخ الأميركي الحافل بمساندة الملوك والمستبدّين العرب. تحصل تظاهرات شعبية مماثلة في دول عربية أخرى، ويحتاج أوباما إلى أن يوضح أنّ أميركا ليست في صف الستاتيكو العربي. بالأساس، يجب أن ندع الطغاة يسقطون أو يستمرون دون أن نتدخل. يجب أن نشير إلى أنّ مصالح أميركا في الشرق الأوسط ليست مدفوعة بإدماننا على النفط. يجب أن تقول واشنطن، بوضوح، إنّها ستساند أي نظام يأتي إلى السلطة عبر انتخابات شرعية، حتى لو كان الإخوان يترأسونه.
لا يمكن أي رئيس أميركي حديث أن يقوم بتغييرات مماثلة في السياسة الأميركية. بالتأكيد، إنّ البعض في مؤسسة السياسة الخارجية الأميركية يحثّون أوباما على مساندة الطغاة العرب تحت شعار الاستقرار الفارغ. هم مخطئون. يستطيع أوباما، المرشح التغييري، أن يكون أوباما الرئيس التغييري في علاقات أميركا الخارجية. لا يزال أوباما، إلى حد كبير، يملك سجلاً نظيفاً وقدرة خطابية على تنفيذ تغيير في السياسة الأميركية. في خطاب حزيران 2009 في القاهرة، قال أوباما: «تحترم أميركا حق كلّ الأصوات السلمية والملتزمة بالقانون في أن تُسمع حول العالم، حتى لو اختلفنا معها. وسنرحّب بكل الحكومات المنتخبة والسلمية، شرط أن يحكموا عبر احترام كل شعبهم».
لقد قال هذا الخطاب كلّ ما يمكن قوله. لكن أتت اللحظة التي يجب فيها على الرئيس أوباما أن يبرهن أنّ كلماته لم تكن مجرد كلمات.
بطريقة أو بأخرى، يترتّب على ما يحدث نتائج هامة. نهاية عهد مبارك ستعني نهاية السلام البارد بين مصر وإسرائيل. لن تقبل أي حكومة تخلف مبارك، وخصوصاً حكومة فيها الإخوان المسلمون، باستمرار الحصار على أقربائهم، حماس، في غزة. ستجد إسرائيل نفسها إذاً، في مواجهة محفّزات استراتيجية إضافية لتنهي احتلال الضفة الغربية، وتفكك مستوطناتها هناك، وتعترف بسرعة بدولة فلسطينية وفق حدود 1967. لكن كما أظهرت تسريبات سجلات المفاوضات الفلسطينية ـــ الإسرائيلية، فإنّ كلّ المستوجبات لتسوية نهائية موجودة.
التغيير آت إلى العالم العربي. لا يمكن كبحه بعد الآن. وبالتالي، يجب أن يكون أوباما، البراغماتي وليس المثالي وحسب، حكيماً ليوضح أنّه يقف بالفعل الى جانب المتظاهرين في شوارع القاهرة. لقد حان الوقت لنبتعد عن المواقف الملتبسة.

* عن مجلة «سلايت» الإلكترونيّة
الأخبار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى