فاتورة الـ 70 مليار .. كم تساوي من عمرنا وأحلامنا؟
خالد البلشي
لثلاثة أيام ظللت انتظر نفيا حكوميا حول ما نشر عن ثروة الرئيس لكن ظل الوضع كما هو عليه بما يعني ان النظام الذي يحاول إيهام الناس بالتغيير لم يتحرك عن موقعه ..أو أن ما نشر عن أن ثروة الرئيس تقدر بـ 70 مليار دولار هو أقل من الحقيقة ولذلك قرر النظام أن يكفي علي الخبر ماجور وبمنطق أحسن ما يعرفوا الحقيقة ..كان هذا هو الهاجس الذي ظل يلح علي حتى فوجئت بوثيقة أخرى يتم تداولها على الانترنت – طبعا لن يتسن لأحد التحقق من صحتها أو نفيها – بأن الثروة الحقيقة للرئيس تجاوز الرقم المعلن بعشرة أضعاف .
وتشير الوثيقة التي- لا أحد يعرف مدي دقتها – إلي أن ثروة الرئيس تساوي 620 مليار دولار أمريكيا ، وبغض النظر عن صحة الرقم من عدمه فقد قررت أن أتوقف أمام الرقم الأقل باعتباره الأكثر تداولا ..وأنه المعلن دون نفي رسمي لأحسب قيمته بحسابات السياسة والاقتصاد ..لأجدني أمام حسبة برما حقيقية فكم تساوي 70 مليار دولار من عمرنا وحياتنا وأحلامنا .
70 مليار دولار بحسابات الديون المصرية هو رقم يجاوز ضعف الديون المصرية الخارجية بأكثر من 8 مليارات دولار ..بما يعني أن الرئيس كان قادرا على سداد ديون مصر كاملة دون أن يورطنا في الدخول في مغامرات مثل حرب الخليج أدت لإلغاء نصف الديون وقتها وهو رقم أقل من نصف الثروة المعلنة للرئيس وساعتها كان سيتبقى له مبلغ من المال يكفي أسرته ربما لعشرة أجيال قادمة دون عوز أو حاجة .. كما أن المبلغ يوازي ما يقرب من نصف الدين العام في مصر والذي تستنزف فوائده الموازنة المصرية كل عام ثم لا تلبث الحكومة أن تعيرنا بأرقام الدعم وعجزها عن رفع الرواتب وصرخة متكررة لرأس النظام أوكلكم منين .
الـ70 مليار دولار بحسبة المعونة الأمريكية يساوي أكثر من 20 عاما من الخضوع الاقتصادي والعسكري ..فإذا كان إجمالي المعونات الأمريكية هي 3 مليارات دولار سنويا فإن الثروة المعلنة للرئيس والتي لم يتم نفيها رغم نشرها خارجيا وداخليا تساوي معونة 23 عاما كاملة وكأن حسابات المعونة كانت تحول إلي حسابات أخري ، بينما يدفع المصريون ثمنها تبعية وخضوع للأمريكيين وللشروط الإسرائيلية .
وبحسابات الثروة فإن 70 مليار دولار تساوي 50 ألف جنية لكل مصري خارج الخدمات وموازنة الدولة أي ما يوازي 10 آلاف دولار لكل فرد لن تتأثر بكساد أو فارق عملة إذا تم الاحتفاظ بها بالعملة الأجنبية وهو ما يعني حلا للأزمات الاقتصادية لجانب كبير من المصريين فما بالنا لو تم تجميع ثروات كل من يتم التحقيق معهم الآن فربما جنبت أسرة صغيرة مكونة من 4 أفراد كأسرتي مشاق التنقل بين أكثر من 7 شقق إيجار جديد خلال 10 سنوات زواج وربما كنت قادر علي تحقيق حلم علي بامتلاك سيارة ،تجنبه مشاق التنقل في المواصلات عندما يريد رؤية جدته .
لكن الخطير أنها ربما كانت كافية لتجنيبنا فاتورة فساد باهظة التكاليف سواء علي المستوي الاقتصادي أو الأخلاقي أو القيمي .. الذي نال منه حكم الرئيس مبارك فقد كانت جزء من سياسات حكمه إشاعة الفساد حتى لا نري الفساد الأكبر لكن أيا كان من الفاسدين لم يكن يتخيل أن جيوب كفن الرئيس والتي قال يوما انه ليس له جيوب تسع 70 مليار دولار طبقا للتقديرات المنشورة والتي لم يتم نفيها .
الـ70 مليار دولار كافية لبناء أكثر من 140 ألف فيلا فاخرة قيمة كل منها نصف مليون دولار .. أي ما يوازي 400 ألف فيلا قيمة كل منها مليون جنية .. ومليون شقة فاخرة قيمة كل منها نصف مليون جنية .. و4ملايين شقة من شقق الشباب الراقية قيمة كل منها 100 ألف جنية .
وإذا انتقلنا لحسبة الغربة فإن الـ70 مليار دولار ربما كانت كافية لتجنيب أكثر من 10 مليون مصري مغترب قيمة المذلة والمهانة وربما جنبت عشرات الآلاف ثمن الغرق موتا للفرار من مصر لكن الخطير أن المسئول عن كل ذلك لم يشعر يوما أن بإمكانه إنقاذ كل هؤلاء الفارين من ضيق الرزق مهما غرق منهم من غرق في عرض البحر .
وإذا انتقلنا لبند الأجور فان الرئيس لكي يدخر 70 مليار دولار خلال فترة حكمه التي امتدت لـ 30 عاما أي 360 شهرا كان يحتاج إلى راتب شهري قدره مليار و200 مليون بشرط ألا ينفق منها جنيها على لوازم الأكل والشرب والعلاج وهذا الرقم يوازي رواتب 120 ألف موظف شهريا لمدة 30 سنة قادمة بفرض موافقة الحكومة على رفع الحد الأدنى للأجور إلى 1200 جنيه طبقا لمطالب الجماهير . هذا فضلا عن أن الـ 70 مليار جنيه تساوي أجر 80 مليون شهر طبقا للأجر الرسمي المعلن للرئيس وهو 5000 جنيه شهريا أي أن الرئيس كان يحتاج أكثر من 6 ملايين سنة لادخار هذا الرقم بشرط ألا ينفق الرئيس أيضا جنيها واحدا على الأكل والشرب والعلاج و يقوم بتدبيرها من مخصصات الرئاسة أو من فوائدها والتي تبلغ 7 مليارات دولار سنويا بما يعادل أكثر من 500 مليون دولار شهريا.
وإذا انتقلنا لقطاعات النقل وشبكة الطرق التي طالما أذلنا بها سيادة الرئيس فإنها ربما كانت كافية لتجنيبنا أكثر من 83 ألف حالة وفاة وإصابة سنويا بسبب سوء حالة الطرق . أو شراء أساطيل من العبارات الجديدة كانت كافية لحماية أكثر من ألف قتيل غرقوا مع عبارة الموت خلال أقل من 6 ساعات بخلاف حمايتهم من بهدلة السفر على أسطح العبارات وفي الأتوبيسات .
الـ70 مليار دولار تساوي 800 مليار رغيف خبز من الفاخر أبو نص جنيه دون حسابات الدعم بما يوازي إطعام محافظة الشرقية عيش لمدة 800 سنة كاملة إذا علمنا أن محافظة الشرقية تنتج مليار رغيف سنويا طبقا لتصريح سابق للمحافظ وبدون دعم أيضا .
المليارات المعلن عنها تساوي أكثر من ذلك بكثير تساوي حياة كريمة بلا فساد .. تساوي مصريون بلا مرض تساوي ساعات عمل زائدة تساوي ضمان مستقبل أفضل لأولادنا.. تساوي فوق ذلك حرية وعدالة بعيدا عن ذل الخضوع للفاسدين وناهبي ثروات الشعوب .. الـ70 مليار دولار تساوي فاتورة فساد قيمتها أكثر من 10 أضعاف هذا الرقم وتساوي حاشية فتحت لها الخزانة علي مصراعيها وتساوي فساد سياسي تم دفع ثمنه ملاليم لمعارضة فاسدة وبضعة مقاعد في مجلس شعب أو شوري لذر الرماد في العيون ودفن تاريخ امة بأكملها ، وإيقاف نموها لأكثر من 30 عاما
ثمن الـ 70 مليار يساوي أثمان دفعت من قوت وصحة وحياة أكثر من 80 مليون مصري
وبحسبة بسيطة فإنها تساوي أكثر من 14 مليار وجبة كنتاكي كومبو “بالبيبسي والكول سلو والبطاطس الصوابع” من بتاع أنس الفقي وحسن راتب بحساب الوجبة بخمسة دولارات أو ما يساوي 30 جنيها مصريا .. بما يعني أنها قادرة على إشعال الثورة على طريقة “سيد علي وهناء سمري” في العالم كله لمدة 3 وجبات كنتاكي كاملة .. بشرط عدم وجود حظر تجول وان تكون أبواب كنتاكي مفتوحة .. ولا أراكم الله 70 مليار لدي رئيس لديكم.
البديل الجديد