صفحات الشباب

عن مصر و يوم الغضب السوري

* أنا على طريقتي
لم يوحدنا شيء في العالم كما وحدتنا مصر اليوم ربما منذ حرب تموز و العدوان الأخير على غزة ، العائلة بكامل أفرادها متسمرة على الشاشة الفضية تترقب الأحداث بصمت المذهول و الذي أفقدته الدهشة كل ما يرغب في قوله أو يود التعبير عنه ، فهذه مصر هي التي تنتفض ، مصر الحضارة و التاريخ مصر العروبة و العرب ، مصر التي كدنا نسقطها من الحساب لكثرة ما أذاقها فرعونها و جلاوزته صنوف الهوان ، و أخيراً انطلق المارد المصري من قمقمه ليعيد للأمة مجدها الضائع  بعد أن كاد يقتلها اليأس و الذل و الانحطاط .
مشاعر شتى تجتاحنا ، الفرح بهذه الملايين التي ملأت الشوارع تنادي بسقوط أبو الهول  ، و الخوف عليها من نظام امتهن القمع و البلطجة و لم تتوقف حدود همجيته عند غزوة البغال و الجمال ، و مشاهد الدهس المتعمد لأناس آمنين مسالمين ، حينها لم تسعفنا كل أنواع الشتائم و السباب و قد انطلقت من أفواه فقدت أدبها و أخلاقها من مشاهد الوحشية التي أتحفنا فيها نظام مبارك ، و كأن الذاكرة عادت بنا إلى عصور ما قبل التاريخ ، عصر التماسيح و الديناصورات .
غزوة البغال
هذا شعب مصر قام فماذا عنكم أيها السوريون سمعت عن يوم غضب عندكم ، قالتها صديقة بود ظاهر ، لم أجبها حينها و لكني حملت السؤال إلى كل السوريين الذين التقيت منذ انطلقت عائداً من الرقة ، ابتداء بكراجها الهادئ عند منتصف الليل ، هذا شرطي يستريح في براكيته ، خفت أن يفتشني كما هي العادة عندما تلوح مشاكل في الأفق ، و لكنه بدا هادئاً غير مبال و كأنه ليس غد يوم غضب كما روجت له مجموعات فيسبوكية ، جاري في المقعد شاب ثلاثيني عندما سألته ، هز رأسه ساخراً : نحنا غير ! و لما حاولت الاستزادة و حكيت له عما سيفعله شباب خمسة شباط ، قال باختصار : علاكين !
قبل أن أتحدث عن رأي الشعب السوري بما يسمى ” معارضته ” ، لابد أن أعرف من أقصد بالشعب ، الناس الطيبين ” الغلابة ” الذين يسكنون هذه الأرض ، فهؤلاء هم خزان سوريا البشري الاحتياطي ، و من لم يتقن التعامل معهم فسيسقط صريع أفكاره و تخيلاته  دون شك ، و الرهان على استغباء هذا الشعب هو الغباء بحد ذاته ، أما اتهامه بالخنوع و الركوع فتلك تهمة تليق بمطلقيها ، فكرامة السوري معروفة و ولاؤه وانتماؤه لأرضه و كرامته ليس بحاجة لأحد أن يعلمه أياه ، و أما ما حل بتجمع الخامس من شباط من عدم استجابة الناس لهم ، فذلك لعيب فيهم و ليس لعيب في الناس ، و كان الأجدر بهم أن يعرفوا حجمهم الحقيقي و مدى تمثيلهم الفعلي على الأرض قبل أن يقدموا على مغامرة مجهولة العواقب ، نقلولي على لسان أحد الشباب الطيبة عن رأيه فيي و أصحابي المدونين : ” هؤلاء الذين هم مثلك كمثل الذين كانوا يكتبون على حيطان التواليت من الخوف أيام زمان ، لقد بلغتم من الوزن النوعي ” فصاً ” لم ترتقوا حتى إلى مستوى ضرطة !
الثورة على الورق لا تجدي نفعاً ، الثورة الحقيقية يجب أن تكون على الأرض ، قبل أن تنادي بمكافحة الفساد يجب ألا تكون فاسداً و ألا تغطي فاسداً ، و قبل أن تطالب بالحرية و الديمقراطية و حقوق الإنسان ينبغي أن تكون حراً في نفسك و مع الناس ، و قبل أن تفتخر بابيك و جدك و عشيرتك و  فخذك و بطنك و مذهبك و طائفتك و دينك أن تفتخر بما صنعت يداك ، و قبل أن تصدعنا بشعاراتك الجميلة و كلماتك الطيبة ينبغي أن تتذكر قوله تعالى : كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون .
أنت مع مين ؟ …………..
http://www.nawarshash.com/?p=6989

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى