رسالة مفتوحة الى الرئيس بشار الأسد: سورية الوطن والشعب هي الأبقى
د. عبدالله تركماني’
سيادة الرئيس الدكتور بشار الأسد
منذ ثلاثة عقود أطمح لأن أكون جزءاً من وعي عربي يؤصّل لثقافة سياسية تعتبر التحرر من الأنظمة الشمولية أحد أهم المداخل للاستقلال الوطني والقومي (نشرت 7 كتب وشاركت في نشر 16 كتاباً وأنجزت مئات المقالات والدراسات والمحاضرات)، وطوال هذه السنوات آليت على نفسي أن أحافظ دائما على موقف يحذر من معاناة شعبنا ووطننا من وطأة نظامكم الشمولي، الذي هو معضلة سورية تتمثل في غياب الشرعية الدستورية، وما رافق ذلك من قمع داخلي ومصادرة للحريات الديمقراطية.
وكي لا تبكي على الأطلال بعد أن تقع الواقعة، كما بكى المخلوعان زين العابدين بن علي وحسني مبارك، فإني أنصحك بضرورة احداث تغييرات سريعة، جوهرية وجذرية، في سياساتك وتوجهاتك الداخلية، بما يؤدي إلى انفتاح سياسي حقيقي، بما يتناسب مع التحول المؤسسي العالمي والعربي القائم على مجموعة القيم العالمية في الديمقراطية وحقوق الانسان والشفافية والحكم الصالح.
انّ النصيحة السابقة تقتضي منكم الشروع في مصالحة وطنية طال انتظارها وكثرت المطالبات بها، واصلاح النظام بجدية وعمق، واعادة تحديد المشكلات التي يجب أن تعالجها سورية بجهود أبنائها، في الموالاة والمعارضة، والذين لن يتمكنوا من مواجهة الخطر بغير تحول نظامهم من نظام أمني الى نظام سياسي، يعترف بحقهم في الحرية، وبحق أحزابهم ومنظمات مجتمعهم المدني في الشرعية والعلنية، ويقوم على نمط من الادارة والتنظيم يستند على مشاركة المواطن في الشأن العام، دون قيود تبطل حريته أو تتعارض معها، وبتحويل الدولة من دولة حزب الى دولة حق وقانون تخص كل واحد من مواطنيها.
انّ سورية تواجه فرصة تاريخية تمكّن من إجراء التغيير الديمقراطي المنشود، بالاعتماد على تضافر جهود جميع مواطنيها دون استثناء، فلا يجوز تفويت هذه الفرصة، بل الحرص على الانتقال الديمقراطي الهادئ والممأسس، الذي يفتح الآفاق أمام إعادة صياغة مستقبلها على أسس دستورية جديدة.
وفي هذا السياق، من حقنا أن نتساءل عن ما هو الأفضل والأقل خسارة: بقاء الوضع على حاله في سورية، أم انتظار المخاطر المحتملة، أم تبنّي الحكمة والتعقل في التعاطي مع الوضع ؟
من المؤكد أنّ أية مبادرة حكيمة من سيادتكم سوف تنطوي على أنّ الشعب السوري العظيم أهم من حكامه، وأنّ مهمة الزعيم الحقيقي هي حماية شعبه وتوفير الأمن والاطمئنان له، وليس لشخصه وأولاده وعشيرته.
ولا شك في أنّ سورية القوية داخلياً، بديمقراطيتها واقتصادها واستقرارها السياسي والاجتماعي، وبنخبها الفكرية والسياسية والاقتصادية، والمتصالحة مع حقائق العصر، يمكن أن تقدم أنموذجاً وأن تكون أكثر نفوذاً في مجالها الاقليمي، وأكثر قدرة على التعاطي المجدي مع التحديات التي تواجهها.
‘ كاتب وباحث سوري مقيم في تونس
القدس العربي