بيان: الشبابُ السوريُّ قادمٌ
محمد الحاج صالح
لن تتوقفَ الحركةُ الفاعلةُ التي أطلقتْها الثورةُ التونسيّة والثورةُ المصريّة. هذا أكثر وضوحاً من أنْ تتجاهلُهُ الأنظمةُ العربية ومنها النظامُ السوريّ. لقد وضعتِ الثورتان حداً للعطالة السياسيّة ولمظاهر الخنوعِ لأنظمةِ الاستبداد. وببساطةٍ تبيّن أنّ الإصرارَ والاستمرار على الاحتجاج السلميّ على البؤس والفقرِ وإهدارِ الكرامة والقمع سيثمرُ ويثمرُسريعاً.
من كان يتوقّعُ أنْ تبدأ تونسُ هذا التسونامي؟ منْ كان يتوقّعُ أن يخرجَ الشبابُ المصري بهذا القدرِ من الوعي والإصرار؟
من الجليّ أنّ الشباب المُطّلع على أحوالِ العالم وفاقدِ الفُرص وصاحبِ الباع في تقنية الاتصالات، هو عمادُ هذه الثورات.
ما منْ سببٍ يمنعُ من أنْ نستنتجَ أنّ الشبابَ السوريُ قادمٌ. فلا فرقَ بين تطلعات شبابِ تونس وشباب مصر وبين الشباب السوريّ، ولا في أحوالِهم وانسدادِ الآفاق أمامهم.
وأيضاً على قياس الثورة التونسيّة والسوريّة سيكونُ الشبابُ السوري الذي أدخلتْهُ وسائلُ الاتصالِ إلى العصر بعد طولِ احتكارٍ من قبل النظام للمعلومة والإعلام، هو وليس غيره عمادُ أيّ تحرّكٍ مُقبلٍ، وهو لن يتوانى في التعبير عن نفسه، ولن يقبلَ أنْ يسبقَهُ إخوانُهُ بأشواطٍ.
سيكونُ من الناجع وبكلّ تأكيدٍ أنْ تكون الأهدافُ واضحةً وعلى وجه الخصوص في البداية
خبزٌ وعملٌ وحريةٌ وكرامةٌ.
إنّ تكبيرَ الحجر عند البداية مرهقٌ وغير معقولٍ. حركيّةُ العملِ هي التي ستفرضُ أهدافَ وظروفَ الشباب.
ربّما كان على محترفي السياسة أن لا يضعوا أنفسَهُم أو يتصوروا أنْ يضعوا أنفسَهم في قيادة الشباب. لأنّهم ببساطة لا يملكون قدراتِ الشباب ولا فَهْمَ العصر كما يفهمه الشبابُ. الشبابُ سيقودون أنفسَهم. وبالتأكيد سيبدو كلّ من يريدُ استغلالَ الموجة و”التعَرْبش ” على شجرة الشباب نافلاً وزبداً هامشياً على طرفِ المجرى.
ليس مِنْ شبابٍ أُهين كما أُهين الشبابُ السوريّ لا الشبابَ التوانسةُ ولا الشبابَ المصريون. وليس مِنْ شبابٍ جرى تحديد طموحِهِ في أُطُرٍ مُتخلفة وقامعةٍ كالشباب السوري. وهو الشبابُ الذي يثبتُ نفسَهُ بذكاءٍ وقوة كلما أُتيحتْ الفرصةُ.
باسمِ القضايا السياسية الكبرى وباسمِ التوتر في العراق ولبنان وفلسطين فرّط النظامُ بمستقبلِ الشباب السوري. ملأ النظامُ سوريةَ قمعاً وحدّدَ مَساربَ على الشباب السوريّ أنْ لا يحيد عنها، قاتلاً روحَ الشباب وإبداعَهُ. لم يكن هدفُ النظام السوريّ يوماً من الأيام سوى التمسّكُ بالكرسيّ حتى لوْ تخلّفتْ سورية وصارتْ مساويةً للدول الأكثر تخلّفاً في أفريقيا، وهي التي لديها كلّ الإمكانيات لأنْ تقفزَ إلى مقدمةِ دُول العالم الثالث.
الشبابُ السوريّ هو الأوعى والأمهر في فَرْز الزِّوان من الحِنطة.
الشبابُ السوريّ في الداخل هو المُكتوي وهو الذي يحدّد حركتَهُ.
الشبابُ السوريّ قادمٌ فافْسحوا له الطريقَ ولا تحاولوا استغلالَ تحرّكِهِ.
عاشتْ سورية حرةً لكلّ أبنائها
محمد الحاج صالح
خاص – صفحات سورية –