الشعب الليبي على طريق التغيير الديمقراطي
عبد الحفيظ الحافظ
مازال النظام الليبي العربي الثالث على طريق التغيير الديمقراطي يعاند حركة التاريخ ، وبالرغم من سقوطه المدوي ليس باستخدامه العنف العاري ، وصنوف الأسلحة الحديثة ، والمرتزقة ، وارتكابه أبشع جرائم الحرب ضد الإنسانية وحسب ، بل منذ أن حوَّل هذا البلد الآمن وشعبه الشجاع إلى إقطاعٍ خاص ، توزعه مع أبنائه وأزلامه من نخبة أبناء ليبيا ، وسوَّره بنخبةٍ عربية ودعاة فكر وسياسة وقادة منظمات مقاومة ..وباحتفالات سنوية بمؤتمرات اللجان الشعبية والثورية وبكتابه الأخضر ..
نعم هناك استعصاء يقف بوجه التغيير الديمقراطي في ليبيا ، لكنه مجرد استعصاء ، سيجد الشعب الليبي الأبي آليات فكفكته ، وسيرمي نظام القذافي إلى مزبلة التاريخ ، لتتابع رياح التغيير الديمقراطي طريقها في المنطقة . استعصاء فرضته جغرافية واسعة ، وتناثر سكاني ، وتباعد مدن وبلدات ، وأخيراً قّبلية مجتمعية رعاها الطاغية بعقود أربعة ، وصنبور ذهبٍ أصفر يتدفق من ثروة نفطية وطنية وقومية ، ضاعت تلبيةً لترَّهات وعصاب رجلٍ ، تبوأ سدة الحكم بانقلاب عسكري بدون تقرير طبي يؤكد سلامة قواه العقلية ، فتارةً صرفها على طريق بناء دولة عظمى موهومة ، وتارة أخرى على ذاته وأبنائه ومرتزقته الليبيين والعرب وبكتابه الأخضر ، وبترسانة عسكرية اشترى بها أخيراً عرشه المهترئ من الأمريكيين ..دعونا نسأل :
– ما تكشَّف عنه النظام التونسي والمصري واليمني والليبي . هل هو مفاجأـة لنا وللعالم ؟.
– أهذا العصاب القذافي ابن هذه اللحظة ؟.
أعتقد أن الإجابة ستكون بـ لا كبيرة بحجم المأساة التي تعيشها ليبيا الآن ، فهذا النظام وأمثاله على مساحة المنطقة لها سنوات وعقود ، أنظمة توغل بنهب شعوبها ، وتعيق حركة تقدمها ، وتتغول عليها ، وهي تغوص حتى رأسها بدماء هذه الشعوب ، وعلى مرأى من العالم المتقدم عامةً والأوروبي والأمريكي خاصةً ..
إن السجون العربية تغصُّ بمعتقلي الرأي ، والسياسة ، والفكر ، والمثقفين ، ودعاة حقوق الإنسان والمجتمع المدني، وهذا ليس سراً ، و ليس سراً أيضاً تأبيد إعلان حالة الطوارئ والعمل بالأحكام العرفية والمحاكم الميدانية والعسكرية ومحاكم أمن الدولة ، مع مجازر بحق الإنسانية ، وكلنا بالهمِّ شرق وغرب من الخليج الثائر إلى المحيط الهادر .
أعتقد أن تأثيرات ثورة الشعب المصري سيكون لها تأثير يفوق ما خلفته الثورة الفرنسية ، فرياحها ستهز دول الشمال وخاصةً الأوروبية والولايات المتحدة ، لأنها عرَّت نخبها الحاكمة بتعاملها وصمتها على حكامٍ خارج العصر والتاريخ ، لا تقلُّ نازية وفاشية وجنوناً عن نيرون وهتلر وموسليني .
تحيةً لشعب ليبيا البطل الذي أنجب عمر المختار ورفاقه الميامين ، ويخوض اليوم ببسالة معركة التغيير الديمقراطي .
الرحمة لأرواح الشهداء ، و كلنا إيمان بقدرة هذا الشعب على متابعة طريقه للظفر بالتغيير الديمقراطي .
ختاماً ندعو الأنظمة العربية لتلتقي مع شعوبها لتجنب أوطانها وشعوبها ونفسها مسؤولية وتبعيات ما يحدث في ليبيا ، فهو مخيفٌ ومدمر ومخجلٌ لنا جمعياً ، فالشعوب العربية عَبر قواها الحية دعت ، ومازالت تدعو إلى تغيير وطني ديمقراطي ، علني ، سلمي ، متدرج ، وقد أكدت تجربة تونس ومصر واليوم ليبيا واليمن والبحرين .. على صدق وسلامة هذه الدعوة .
حمص 26/2/2011