صفحات العالمقضية فلسطين

ما جدوى العودة الى اطلاق صواريخ غزة؟

فتحي درويش – غزة
يواصل القادة   الإسرائيليون إطلاق التهديدات بشن حملة عسكرية جديدة ضد قطاع غزه، اشد واقسى من حملة “الرصاص المصبوب” في أواخر 2008، وهي حصدت أرواح أكثر من 1400 فلسطيني وخلفت دمارا هائلا في البيوت والممتلكات، واستخدمت فيها إسرائيل الفسفور الأبيض والقنابل الارتجاجية وغيرها من الأسلحة والقنابل المحرمة دوليا.
هذا فيما تؤكد وسائل الإعلام الإسرائيلية أن هذه الحرب ستجري تحت شعار محاربة تنظيم “القاعدة”، الذي تدعي إسرائيل أن مجموعات كبيرة من عناصره نجحت في التسلل عبر الأنفاق إلى غزه، بعد وصولها من اليمن وباكستان وأفغانستان، رغم انه لم يثبت بالدليل القاطع أي وجود فعلي لـ “القاعدة” في غزة، والموجود بعض المجموعات السلفية المتطرفة التي تتبنى أفكار السلفية الجهادية، لكنها لا ترتبط تنظيميا بـ”القاعدة”، أو تتلقى تمويلا منها.
وهذا الزعم سيمكن إسرائيل من كسب دعم بعض الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة لهذه الحرب، التي سيكون هدفها الرئيس ضرب المقاومة الفلسطينية واضعافها، واحتلال أجزاء واسعة من القطاع، وعلى رأسها الحدود الفاصلة بين مصر وغزه، بهدف القضاء على ظاهرة الأنفاق ووقف تهريب السلاح إلى غزة.
وحسب الصحف الإسرائيلية، فان الإدارة الأميركية باتت على علم بالخطة الإسرائيلية لمهاجمة غزة، بعد أن تلقى الرئيس باراك اوباما تقريرا من الخبير الأميركي بروس رايدل، أشار فيه إلى تزايد احتمالات نشوب حرب إسرائيلية جديدة على غزة، بسبب الخلايا الجهادية التي بدأت تتجمع في القطاع.
وترافقت هذه التهديدات مع حرب نفسية تشنها وسائل الإعلام الإسرائيلية، التي دأبت على نشر تقارير عن التدريبات والاستعدادات العسكرية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي تمهيدا للعدوان على غزة، وقيام الطائرات الإسرائيلية مرات عدة في الآونة الأخيرة بإلقاء منشورات في إنحاء مختلفة من قطاع غزة، تدعو المواطنين الفلسطينيين لعدم الاقتراب من الحدود لمسافة ثلاثمئة متر، وعدم التعاون مع رجال المقاومة أو السماح لهم بتخزين أسلحة أو حفر إنفاق قرب منازلهم والإبلاغ عنهم.
هذا في الوقت الذي يتحدث فيه القادة العسكريون الإسرائيليون عن سيناريوات مختلفة لهذه الحرب، التي ستجري من بيت إلى بيت – حسب زعمهم – بهدف إعادة احتلال القطاع والقضاء على بنية المنظمات “الإرهابية” الفلسطينية.
وبغض النظر عن مدى صحة هذه السيناريوات، التي يجري الحديث عنها في سياق الحرب النفسية الإسرائيلية الهادفة لتثبيط عزيمة الفلسطينيين، فان فصائل المقاومة مطالبة بأخذ هذه التهديدات على محمل الجد، ليس فقط من زاوية الاستعداد واتخاذ الإجراءات الوقائية اللازمة لمواجهة احتمالات الحرب،وهي احتمالات كبيرة على أي حال، بل أيضا من زاوية سحب الذرائع من يد إسرائيل، وتجنيب أهالي القطاع مآسي إضافية أخرى هم في غنى عنها.
وعلينا كفلسطينيين أن نتدارس سويا دور غزة في المقاومة ضد الاحتلال،ودورها في إسناد نضال أهلنا في الضفة الغربية والقدس، حيث توجد ساحة المواجهة الرئيسة مع الاحتلال والاستيطان التوسعي الإسرائيلي الهادف الى تهويد القدس وإلغاء طابعها العربي والإسلامي، وابتلاع الأراضي الفلسطينية ونهبها وتهجير سكانها، عبر استمرار الاستيطان وفرض سياسة الأمر الواقع الإسرائيلية، كل ذلك بهدف قطع الطريق على إقامة الدولة الفلسطينية وتمرير حل الدولة الموقتة الذي يرفضه الفلسطينيون بكل فئاتهم وتوجهاتهم السياسية.
وعلينا أن نتدارس أيضا جدوى الاستمرار في إطلاق الصواريخ المحلية الصنع من غزة، وكيفية توظيف هذه الصواريخ في إطار إستراتيجية نضالية فلسطينية موحدة، وقادرة على خدمة المشروع الوطني والأجندة الفلسطينية، وليس الاجندات والمصالح الفئوية الضيقة.
إنّ الاستمرار في إطلاق هذه الصواريخ، لن يوفر في كل الأحوال سوى المزيد من الذرائع لإسرائيل، لاستمرار عدوانها على غزه وشن حرب جديدة عليها، في الوقت الذي لم تتعافَ فيه بعد من أهوال ومآسي الحرب الماضية، ومازال الآلاف من أبنائها الذين دمرت بيوتهم مشردين في الخيام تحت البرد القارس.
وعلينا ابتداع أساليب عمل نضالية جديدة تتناسب وأوضاع غزة، من منطلق تعدد أشكال النضال وأساليبه، وعلى رأسها النضال الجماهيري الذي اثبت جدواه في الماضي، ويثبت جدواه اليوم في نعلين وغيرها من القرى المحاصرة بالجدار العنصري العازل في الضفة الغربية.
والأهم من ذلك كله أن يتحسس القادة الفلسطينيون معاناة أطفال غزة ونسائها وشيوخها، الواقعين بين نار الاحتلال الإسرائيلي ونار الانقسام الداخلي الفلسطيني، وان يعملوا بما تمليه عليه ضمائرهم لرفع هذه المعاناة،والمضي قدما نحو المصالحة الوطنية وإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة.
فغزة ليست بحاجة إلى حروب ومآسٍ جديدة، بل إلى إعمار وتضميد الجراح.
النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى