ثورة ليبيا

“مسؤولية الحماية” أم “حماية النفط”؟

سعد محيو
“مسؤولية الحماية” (Responsibility to protect)) هو الشعار الذي يرفع الآن في الساحة الغربية، للدفاع عن فكرة التدخل العسكري في ليبيا .
لكن، هل هذا حقاً  شعار صحيح ومُحق؟
قبل محاولة الإجابة، تذكير بأن الجمعية العامة للأمم المتحدة أقرّت هذا المبدأ عام ،2005 بعد عشر سنوات كاملة من النقاشات، وهي أصلاً لم تفعل ذلك إلا بعد المحارق المخيفة التي حدثت في دول عدة مثل يوغوسلافيا السابقة ورواندا والكونغو والصومال وكوسوفو وغيرها .
وزير الخارجية الأسترالي السابق غرافيث إيفانز، الذي صكّ هذا التعبير، يعرّفه على النحو التالي:
“سيادة الدول ليست رخصة أو تفويضاً للقتل، وبالتالي، لايحق لأي دولة أن تتنازل عن مسؤولية حماية شعبها ضد الجرائم ضد الإنسانية، هذا ناهيك عن تبرير قيامها هي نفسها بارتكاب هذه الجرائم . وحين تفشل دولة ما في تنفيذ هذه الحماية، يصبح من واجب المجتمع الدولي توفيرها بعمل عسكري جماعي حاسم وسريع، ما لم تكن الوسائل السلمية كافية” .
الولايات المتحدة وحلف الأطلسي نفذا هذا المبدأ من جانب واحد في كوسوفو عام ،1999 وكادا يكرران الأمر نفسه في دارفور . ولولا معارضة الصين وروسيا لتطبيق هذا المبدأ على نطاق واسع، لكان الغرب طليق اليد للتدخل متى يشاء وأين يشاء في كل أنحاء العالم .
نعود الآن إلى سؤالنا الأولي: هل “مسؤولية الحماية” هي ما سيُطبق الآن في ليبيا، بعد أن رد النظام الليبي على قرار مجلس الأمن بتصعيد عملياته العسكرية ضد المدنيين في مدينتي الزاوية ومصراتة، واستأنف قصف بنغازي بالطائرات الحربية؟
الولايات المتحدة وبريطانيا لم تنتظرا كثيراً بعد هذا التصعيد، فالأولى سارعت إلى نشر قوات بحرية وجوية حول ليبيا “بانتظار أي قرار من البيت الأبيض”، كما أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية . والثانية استنفرت سلاحها الجوي المتمركز في جزيرة قبرص للغرض نفسه .
حتى اللحظة، تهدف هذه التحركات العسكرية إلى مجرد إطلاق طلقات تحذيرية في الهواء باتجاه النظام الليبي لحمله على وقف القمع العسكري العنيف لمواطنيه، ولتشجيع من تبقى من هيئة أركانه على القفز من سفينته المشرفة على الغرق . لكن في حال وصلت هذه الرسالة ومُزّقت في باب العزيزية (كما هو متوقع) فالخطوة الثانية ستكون فرض حظر جوي فوق ليبيا لمنع النظام من استخدام النفاثات وطائرات الهليوكوبتر لقصف المواطنين وشحن المقاتلين المرتزقة من إفريقيا .
وحينها، سيكون مبدأ “مسؤولية الحماية”  قد وُضع موضع التطبيق، شارعاً الأبواب على مصاريعها أمام تدويل النزاع في ليبيا .
بالطبع، سيكون هذا التطور آخر مايريده الشعب الليبي وبقية الشعوب العربية، فمآسي التدخل العسكري الغربي في العراق لاتزال ماثلة للعيان .
لكن، ألا يحتمل أن يكون هذا بالتحديد (أي التدخل) هو ما يريده النظام الليبي، كي يبرز أمام العالم كأنه لايذبح شعبه بل “يقاوم الإمبريالية”؟ وهل سيشكك أحد في هذا العالم في أن الهدف الرئيس للغرب من استبدال دعم مستجد لسلطة الشعب الليبي برعايته السابقة للديكتاتورية الليبية، يبدأ وينتهي بجملة واحدة: السيطرة على إمدادات النفط، ليس فقط في ليبيا بل في كل أنحاء الشرق الأوسط؟ ألن يكون الشعار الحقيقي حينذاك هو “حماية النفط” لا “مسؤولية الحماية”؟
أسئلة برسم مصر المُتحررة حديثاً .
الخليج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى