طريق المحارب
باولو كويلو
في كلّ عام أكرّس أحد أعمدتي لكارلوس كاستانيدا، الكاتب الذي ترك بصمته في الجيل الذي أنتمي إليه وتركني وسط التزامي ألا أدعه يغيب من الذاكرة. في ما يأتي بعضٌ من نصوصه:
روح المحارب
الأمر الأكثر صعوبةً في العالم أن نتمثّل روح المحارب وسلوكه. فالحزن والتذمّر والشعور بأننا ضحايا الظلم أو الاعتقاد بأن أحدهم يتقصّد ﺇيذاءنا، كلّها أمورٌ لا تفيد على اﻹطلاق. فلا أحد يفعل شيئاً ﻹلحاق الأذى بنا (ولا سيما بمحارب!)
تربيتنا لا تهمّ. فكيفية تحكّمنا برغباتنا هي ما يحدّد تصرّفاتنا. اﻹنسان يعرَّف بمجموع رغباته، هي ما يعيّن طريقة عيشه وموته.
الرغبة شعورٌ، موهبة، شيء ما يعيرنا الحماسة. الرغبة شيءٌ مكتسب، لكن من الضروري للمرء أن يناضل من أجلها طوال حياته.
منذ لحظة ولادتنا يُغرقنا الناس بآراء عن الدنيا، فيقول بعضهم عنها شيئاً ويقول آخرون شيئاً مختلفاً، بعضهم يدّعي لها منحىً وبعضٌ يوجّه هذا المنحى في اتجاه آخر. من الطبيعي، لمدّةٍ من الوقت، أن ينتهي بنا الأمر الى الاعتقاد بتلك الأقاويل. لكن علينا اﻹسراع في ﺇزاحة هذه الأفكار واكتشاف طريقتنا الخاصة في عيش الحقيقة.
التواضع والوجدان
إن تواضع المحارب مختلفٌ عن تواضع العبد. فالمحارب لا يخفض رأسه لأيّ كان، كما أنه لا يسمح لأحد بالانحناء أمامه. من جهة أخرى، فان العبد يركع لكلّ من يعتقد بسلطانه ويفرض على من بإمرته أن يتّبع السلوك ذاته حياله.
المحارب والكلمات
ما يشوب الكلمات أنها تجعلنا نشعر كأننا متنوّرون نفهم كلّ شيء. لكننا نعود ونواجه الدنيا فنصطدم بالواقع، ونرى أنه مختلف تمام الاختلاف عمّا بحثنا أو سمعنا.
لذلك، فان المحارب يطمح إلى الفعل، بعيداً من إضاعة الوقت في المحادثات غير المجدية. ومن خلال التصرّف يكتشف المعنى الكامن وراء يوميّاته ويتخذ تالياً قرارات تنطوي على الابتكار والابداع.
المحارب والشكوك
يعتقد الانسان العادي أن الشكوك والمخاوف من صفات الرهافة والروحانية. عندما يتصرّف على هذا الأساس يبعد عن المعنى الحقيقي للحياة لأن منطقه الضعيف يحوّله قدّيساً أو إبليساً كما يحسب نفسه. وقبل أن يتنبّه، يجد أنه علق بشركه.
هذا النوع من البشر يحبّ أن يتلقى التوجيهات، بل أكثر من ذلك يحبّ تجاهل النصيحة المفيدة فقط بغية إغضاب الروح الكريمة التي اهتمّت بأمره ذات يوم.
وحده المحارب يستطيع تحمّل تبعات طريق المعرفة. المحارب لا يتذمّر ولا ينتحب، كما أنه لا يرى في التحدّي شأناً ايجابياً ولا سلبياً. فالتحدي هو التحدي بكل بساطة.
فن الحياة المبهم
العالم مبهمٌ وغامض، وهكذا نحن جميعاً. فنّ المحارب مبني على الموازنة بين الرعب من أنه انسان وروعة أنه كذلك.
(•) يخص الكاتب جريدة “النهار”، قبل سواها، بحق نشر مقالاته الأسبوعية مباشرة بعد صدورها بالبرتغالية، بالاتفاق مع ناشره بالعربية، “شركة المطبوعات للتوزيع وللنشر”.
ترجمة عزة طويل