السيدة بثينة شعبان: هل يعقل أن الرسالة لم تصلك بعد؟!
ملاذ عمران
(1)
خصائص الزمن المقبل سيدتي، هو أوطان ينحسر فيها النفاق والمنافقون، وتغدو فيها الشعوب مرئية ومحسوسة لا مجرد كائنات افتراضية تشكل وفق رغبات البعض وأوهامهم.
الشعب يريد اسقاط النظام العربي، هل يعقل أن الرسالة لم تصلك بعد؟! “القراء الغربيون تعاطفوا مع كفاح الشعب الفلسطيني المحروم منذ أكثر من ستة عقود” تقولين؟ ونحن القراء العرب جاحدون وجهلة ومنحازون للوبي الصهيوني، فقط لأننا للمرة الأولى، نتوحد على قضية الحرية، وندير ظهورنا لكل من عبث بفلسطين حتى أصبحنا عبئا على “القضية” وأصبحت القضية عبئا علينا.. ولأن دماء الشباب العربي في غير بلد ومدينة كانت تسيل على أيدي حكامه ولم تصلك رائحة الدماء ولا الأحمر غطى شاشة التلفزيون لديك ولم تصل مسامعك صرخات الناس التي نخر فيها القهر حتى وصل قلبها وأكل ما تبقى من صبرها.
(2)
أرجوك إلا هذا..دافعي عن نفسك كما ترغبين، وقولي أنك من مؤيدي الثورات والحريات، سماح أنور فعلت واعتذرت. لكن أن تستثني السوريين مما يؤلم الشعوب العربية في كل مكان؟ وأن تتكلمي عن الاستبداد والفساد كأننا نعيش في فائض حرية وكرامة..فهذا كثير جدا.. وأرى أن تحسسك للكرامة والحرية لم يتأثر بوصف بناتك وشبابك بالعهر والانقضاض عليهم بالهراوات في اعتصام سلمي قبل أيام..وأرى أن تحسسك للكرامة لن يتأثر بتجمع مئات النسوة المعدمات للحصول على معونة تبين أنها “إشاعة”، والنداء عليهن بمكبرات الصوت كي يذهبن إلى مكان آخر ينشدن فيه المساعدة لإعالة عائلاتهن. وأرى أن تحسسك للحرية لم يتأثر بمجلس شعب جبن أعضاؤه بالاجماع على مناقشة طلب عضو فيه خارج عن السرب حول حالة الطوارئ المفروضة في بلادك منذ خمسة عقود..وهل أستمر في سرد الأمثلة؟
(3)
إذا أردت المساهمة في “صناعة مستقبل عربي زاهر بالحرية والكرامة” فلا تستثني بلادك من هذا المستقبل، والتفتي قليلا إلى من زج في السجون لأنه دعا ولأنها دعت إلى مثل تلك الحرية والكرامة، والتفتي قليلا إلى نخب بلدك التي غيبت في المعتقلات ولا تزال، الحوار لا يجري ضمن الفروع الأمنية والزنازين سيدتي.
(4)
نعم لا نتطابق كعرب، لكننا نشترك في جرح الكرامة، وحتى وقت قريب، كنت أحس بهذا الوجع، وبعد قومة المصريين والتوانسة والليبيين، أصبح وجعي سوريا خالصا. فليس فقط أن نضالك لم يحرر فلسطين حتى الآن، لكنه أيضا سلبني حريتي الفردية، وسلبني إحساسي بالمواطنة.. فلسطين بريئة من ذلك..فلسطين في القلب ولست مضطرة لأنتزعه من صدري وأعرضه على الفروع الأمنية كي يصدقوا، لكن فلسطين لم تطلب مني أن أعيش في ظل الأحكام العرفية خمسة عقود، ولم تقل أن ثمن تحررها هو قيدي، ولم تساومني على حريتي ولا على كرامتي، ولم تدعي أن الاعتقال التعسفي والتعذيب والاختفاء والمحاكم الاستثنائية هي نسغ لبقائها.
(5)
صحيح، المهم مشاركة الجميع في التعبير عن الرأي، من غير أن نتلقى هاتفا من فرع أمن الدولة أو مخبرا يدق بابنا من فرع الأمن العسكري أو دورية من الأمن السياسي تنتظر على باب حارتنا، لكي “تسألنا” عن قصدنا بالرأي الذي عبرنا عنه، وتحولنا إلى إحدى أقبيتها لنعيد التفكير والتبصر في ذلك الرأي، ثم تنقلنا إلى إحدى السجون في محاولة لتبرؤنا من ذلك الرأي، ثم في المحصلة نغدو من ناشري الأنباء الكاذبة، مجرمون نحاكم بموجب جناية، ونوضع في قفص الاتهام ونساق وأيدينا مكبلة وأرواحنا مكبلة وأحلامنا مكبلة.
(6)
أكتفي بهذا القدر في مناقشة مقالتك المدهشة.. يخيل إلي..أنك طيبة..لكنك غير قادرة على التعرض لأحوال بلدك الحقيقية بشكل مباشر وصريح..وأفترض أنك قصدت بعض الإسقاطات في ماذكرت على الأوضاع في سوريا، لكن ربما لمنصبك الرسمي أو سواه لم تناقشي مباشرة ما ينخر في البلاد من فساد جعله من بين الأعلى في العالم، ولا مايتعرض له المواطنون من قهر وقمع هو أيضا من بين الأعلى في العالم..لا أقصد النبش في نياتك كما يفعل المحققون بنا..على الإطلاق..أحاول فقط أن أبدي حسن نية وقليل من الأمل..