بيان من أجل التغيير
يا شعب سورية العظيم
برغم كل محاولات كسر إرادة وكرامة الشعوب في منطقتنا، نجح شعب تونس في ثورة وضعت حدا لعنجهية الدكتاتور وأسقطت مأساة الحكم مدى الحياة وأن يقرر حزب أومؤسسة بوليسية حياة وحاضر ومستقبل المواطن والوطن، ثم جاءت ثورة مصر العظيمة، لتقول لكل الطغاة، بأن الدعم الخارجي، من أي قوة عظم شأنها أو صغر، هزيل أمام إرادة الشعوب. وبإزاحة حسني مبارك، بدأت حقبة ثورية جديدة من المحيط إلى الخليج، حقبة عاد بها الإنسان في هذا الجزء من العالم إلى التاريخ، ليكون طرفا في صناعته، وفي تقرير مصير مستقبل البشرية، وهاهم شباب ليبيا واليمن والبحرين قد دخلوا حلبة التغيير
ليست البيئة الثورية طفرة، بل هي عملية تراكم وأوجاع وآلام وخبرات. وإن لم يكن الحديث عن دمشق قد بدأ بعد، ففي ربيع دمشق كانت مشارق النور الأولى في هذا القرن، وقد عرفت سورية نشاطات مدنية وسياسية هامة، خنقها القرار السياسي الأمني، قبل أن تأتي الحرب على الإرهاب واحتلال العراق، فتخلط الأوراق وتعيد صياغة الأولويات، بل وتخلق حالة عصابية مناهضة للتغيير، خاصة وأن المثال الأمريكي للتغيير من الخارج والأعلى، كان بشعا ومدمرا للطموحات الشعبية في السيادة الوطنية والكرامة المواطنية وتحرير الأرض العربية المحتلة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والتنمية. وبعد أن كانت بداية القرن تحمل آمالا كبيرة بالتغيير، انتهت العشرية الأولى بصورة قاتمة محدودة الإيجابيات حاملة لكل الطحالب التي تعيش مع الإحباطات والسياسات القمعية المنهجية. الأمر الذي جعل المواطن العادي يعتبر مهمته الأولى في تحجيم الخسائر ما استطاع لذلك سبيلا. إلا أن الشعب السوري وخاصة الشباب يأبى تكرار الهزائم السابقة، ويعود اليوم ليطالبنا بأن نكون في مستوى طموحاته وأحلامه المشروعة.
لم يكن الإنسان في سورية خانعا يوما، وكان الوعي العالي للمواطن بأهمية حماية المقاومة والدفاع عن الحقوق الوطنية المشروعة سببا لتحمل الكثير من الإضطهاد والقمع السلطويين، ولكن وبكل أسف، لم تكن السلطة السياسية على قدر من النضج الموازي لنضج المواطنين، فلم تقابل هذه التضحيات باحترام أكبر للمواطنة، وبمباشرة إصلاحات ديمقراطية أساسية تعيد ثقة المجتمع بالسلطة. واستمرت السلطة السياسية في سوريا في سياسة العصا الغليظة والحل الأمني للمشكلات السياسية والرد القمعي على مختلف أشكال الحراك المدني. واليوم، ومع التغيير في الخارطة الجغرافية السياسية الإقليمية، وانتقال المنطقة إلى حالة ثورية عامة، لم يعد هناك أي مبرر لأن تكون أي شرعية كانت فوق الشرعية المستمدة من إختيار الشعب الحر، أي شرعية الوطن والمواطن. إن التغيير الديمقراطي هو السد الأقوى في وجه التدخلات الغربية والتوسع الصهيوني وهو الرد الوطني على كل التحديات. إن سيادة الشعب وحريته وكرامته تشكل اليوم الشرط الواجب لاستعادة الجولان والحقوق الفلسطينية وبناء غد أفضل لشبابنا وأطفالنا.
اليوم تمر الذكرى 48 لإعلان حالة الطوارئ في سوريا، هذه الحالة التي كانت سببا أساسيا في استبدال دولة القانون بسلطة الطوارئ ورجال الأمن، وإضعاف وتهميش السلطة القضائية، وإنهاك اقتصاد الوطن بالفساد وببناء الثروات الخاصة المسروقة من المال العام، والتمدد السرطاني لأجهزة الأمن بحيث سادت ومادت في كل مظاهر الحياة.
ولا بد للخروج من حالة الاستعصاء السلطوية هذه، من قرارات عاجلة وواضحة تعبر عن طموحات الشعب، وتستجيب للحد الأدنى من مطالبه أهمها:
– رفع حالة الطوارئ وإلغاء محكمة أمن الدولة والقضاء الاستثنائي.
– دمقرطة الدستور ليستجيب لحقبة الثورة العربية الديمقراطية التي نعيشها.
– العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة.
– إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين وعودة كل المنفيين للبلاد.
– الدعوة لمؤتمر وطني جامع يضع أسس الانتقال السلمي من دولة التسلط إلى الدولة الديمقراطية ومجتمع المواطنة الكاملة للجميع.
إننا نتوجه بهذا النداء المسؤول إلى كل مواطن ومواطنة، في أي موقع من مواقع المسؤولية السياسية والمدنية والاجتماعية والإعتبارية، وعيا منا بأن أي تأخر عن الإستجابة لمطالب الشعب اليوم، يشكل حركة مضادة لطموحات الشعب في البناء الديمقراطي التحرري والتنموي.
دمشق في 8/3/2011
أول الموقعين: خلدون الأسود، ماجد حبو، ناصر الغزالي، هيثم مناع