خلف علي الخلفصفحات الناس

عن مواقع المعارضة السورية ومطابقتها لوسائل إعلام النظام‏

null
خلف علي الخلف
يرسل الكاتب علي الأحمد عبر قائمة بريدية الكثير من المقالات والأخبار التي يجمعها من الصحف والمواقع العربية وتخص الشأن السوري.. وقد لفت انتباهي وهو يعيد إرسال مقال لي كنت قد نشرته في إيلاف بعنوان “والآن ماذا تفعل المعارضة السورية دون برابرة…” بالمقدمة التي كتبها للمقال (تصفحت الكثير من المواقع السورية المعارضة التي تدعو جميعها لحرية النشر وحرية التعبير وحرية تبادل الآراء على اختلافها، والذين يدعون إلى سوريه المستقبل الخالية من السجون والمعتقلات، ولكني لم أجد احد منهم قد نشر هذا المقال فقط نشرته صحيفة إيلاف الالكترونية، لذلك أحببت أن انشره لمن يحب أن يسمع رأيا يخالفه…) وفضلاً عن كون عدم النشر هو إقرار بما ذهبت إليه في ذلك المقال؛ من أن أحد عيوب كل “معارضة” سورية أنها غير قادرة على سماع الرأي الآخر؛ بينما يصدعون رؤوسنا بمطالبتهم للـ “نظام” بسماع الرأي الآخر.. وليس هذا جديدا ولا مخالفا للواقع أو التوقعات. لكن ما أود تناوله طريقة تعامل المواقع الإخبارية للمعارضة السورية مع ما يكتبه الكتاب السوريين.
فكل “معارضة” سورية لديها موقعا يتناول أخبار سوريا وتحديدا التي ضد النظام، وهذا حق لها؛ بل وقد يكون مطلوباً أيضاً! وما يميز أغلب هذه المواقع أنها ضعيفة تقنياً؛ ولا يوجد أي موقع إخباري لديه محررين أو مصادر أخبار؛ وعجزت كل هذه المعارضة أن تبني موقعاً إخبارياً ذا شأن؛ وبالطبع يمكن لي أن اكشف تقنياً للجميع حجم هذه المواقع من حيث معدل الزيارات والقراءة، وهو باستثناءات قليلة حجم هزيل من حيث وصول الزوار.
إلا أن ميزة مواقع المعارضة التي تأسست في بدايات (أو قبل) دخول الانترنت لسوريا؛ أنه لم يكن هناك سواها مصدراً إخبارياً متخصصاً بالقضايا السورية وليس تحت عباءة الـ “نظام”؛ لكنها بقيت حزبية تعكس وجهة نظر “كل معارضة” دون سواها ولا تنشر ما يخالف رؤاها لسوريا الغد أو سوريا اليوم. وكانت ندرة المواقع السورية عاملا مساعدا في متابعتها في البداية من القراء السوريين رغم سوئها. فيما بعد استطاع أفراد سوريين  إنشاء مواقع أعلى تقنياً وأكثر إحاطة ومتابعة للشأن العام وتتميز بانفتاحها على ما هو جوهري وأساسي في الشأن العام السوري بغض النظر عن الاتجاه الفكري للمادة؛ لكنها بقيت غير مستقرة وتعاني من انقطاعات لأنها ذات جهد فردي وتطوعي.. ومن هذه المواقع التي تخص أفراد “صفحات سورية” التي بدأت كمدونة.. ونشرة كلنا شركاء التي حافظت على صدارة “المواقع” التي تجمع الأخبار عن سوريا من كافة المصادر بما فيها الأخبار غير المعارضة للنظام، إضافة للأخبار الخاصة بها. وهذه النشرة ذات التصميم البسيط والتي تحولت إلى موقع “ضعيف تقنياً” بدأت كملف وورد بجهد فردي يرسل للمهتمين..
وما يميز مواقع المعارضة “الإخبارية” هو نقص المهنية فباستثناء مواقع قليلة “تخجل” هذه المواقع من الإشارة إلى مصدر المقال أو المادة بشكل عام؛ ولا أدري إن كانت تعتقد أن القارئ “غشيم” للدرجة التي يعتقد فيها أن كل هؤلاء الكتاب يكتبون بشكل خاص في هذا الموقع. فموقع مثل “سورية الحرة” الذي يتبع الأستاذ خدام لم يشر يوما إلى مصدر مقال إلا ما كان افتتاحية لصحيفة ولم يشر يوما لمصدر خبر إلا ما كان اسم الوسيلة الإعلامية داخل الخبر أو منسوبا لها عبر مصادر.. وكذلك يمتلئ الموقع بتعليقات تطنب في مديح الأستاذ خدام بطريقة لم تعد مقبولة في جريدة البعث الرسمية.. وبالطبع اختبرت كل تلك المواقع التي تتيح التعليق بتعليقات لا تسيء لأحد إلا أنها تحمل رأياً مخالفاً ولم تنشر!!  ولا يمكن لنا أن نقتنع أن هذه المعارضة لا تمتلك تمويلا يكفي لإطلاق موقع إخباري على درجة من الاحترافية التقنية والتحريرية؛ فكما تتناقل الأخبار تتهيأ جبهة الخلاص لإطلاق قناة فضائية؛ ولا أدري كيف سيكون حالها أمام هذه العقلية من احتكار الرأي و “الحقيقة”؛ والطريقة المشابه للنظام في التعامل مع الرأي المختلف أو حتى المخالف
بكل الأحوال فمسألة إعادة نشر مقالات الكتاب السوريين أراها أمرا مفيداً فكل موقع له زواره الخاصين مهما كان عددهم ضئيلاً، والذين قد لا يتجولون في مواقع أخرى؛ وكثير من الكتاب يعيد إرسال مقالاتهم أو روابطها لقائمتهم البريدية أو بعض الأصدقاء والمواقع؛ لكن ذلك بكل الأحوال لا يعني تجاهل حقوق وسيلة النشر الأساسية التي قد تكون دفعت استكتاباً للكاتب. وإذا كان هذا منتشر ومستشر في أغلب المواقع العربية؛ فإن أمر “السطو” على حقوق الملكية لوسيلة النشر من قبل مواقع المعارضة السورية له دلالة مختلفة! فحتى لو كانت ترى هي أنه أمراً بسيطا وتافهاً وسطحياً؛ إلا أنه يكشف أسّاً حقيقياً لسلوك واليات عملها؛ ففي تحليل هذه “الواقعة” يمكن استنباط أن هذه المعارضات؛ ليس لديها أي حس أخلاقي باحترام جهد الآخرين؛ وليس لديها أي احترام لحقوق النشر؛ ولا أي احترام لحقوق الملكية الفكرية؛ وعلاقتها مع الكتاب الذين تعيد النشر لهم هي علاقة محض نفعية ولا تقوم على الاحترام كذلك؛ ذلك إذا تجاوزنا مسألة عدم نشر إلا ما يوافق هواها في الوقت التي تطنب فيه في حق الاختلاف وحق إبداء الرأي مهما كان معارضاً!!
وإذا كانت مواقع المعارضة تقوم على أكتاف الكتاب السوريين الذين في غالبيتهم خارج تنظيماتها وصفوفها؛ وبعضهم معارضون بصفتهم أفرادا؛ ومنهم من لا يصنف نفسه في خانة المعارضة إطلاقا؛ لكنه يتخذ موقعاً نقدياً للحياة العامة؛ وله موقفاً نقدياً من الحدث العام؛ وكثير منهم يكتب باتفاق مستمر مع صحف عربية تدفع لهم “ثمن” جهدهم؛ وإذا كانت مواقع المعارضة “تتعيش” على ما تدفعه تلك الصحف للكتاب؛ فإنه يصبح من الأحقية لهم أن تنشر أرائهم المعارضة للمعارضة بالأهمية نفسها التي توليها هذه المواقع لأرائهم المعارضة للنظام. وإذا تركنا مسألة الأحقية فانه يصبح من “اللطافة” تمرير مقالاتهم الناقدة لهذه الجماعة أو تلك ويصبح مفضوحاً عدم إعادة نشر مقال معين في الوقت التي هي تعيد نشر “جل” ما يكتب.
وخلال سنين من الكتابة رسمت خارطة واضحة لهذه المعارضة ومواقعها “الإخبارية” من خلال إعادتها نشر مقالاتي ويمكن أن أدع القراء يتلمسونه.
فمنذ عام 2003 لم أنشر خارج إيلاف مقالات في الشأن العام السوري سوى مقالات تعد على أصابع اليد الواحدة ويمكن لي تعدادها؛ لكني وبعد تعمق علاقتي مع الانترنت أصبحت أعيد إرسال روابط مقالاتي أو المقال منشوراً بمصدره لقائمة بريدية فيها العديد من ايميلات هذه المواقع إضافة لأصدقاء ومهتمين؛ وما يحدث أن كل جماعة معارضة تنشر أي مقال يرد ذكرها فيه إذا كان محايداً أو ايجابياً؛ لكنها لا تنشر ما ينتقد سلوك المعارضة بشكل عام أو يذكر هذه الجماعة بالاسم؛ بالطبع لكل وسيلة إعلام سياسة نشر؛ وتقوم سياسة نشر مواقع المعارضة السورية على نشر كل ما يمس الشأن العام السوري بشكل ناقد سواء كانت هذه المادة لمعارض أو غير ذلك وسواء انطلقت هذه المادة من منطق المعارضة أو غير ذلك؛ لكنهم يمتنعون عن إعادة نشر المقالات التي تخالف رؤيتهم أو تنتقدهم…
إذن عن أي حرية رأي وعن أي قبول اختلاف يتحدثون. كنت دائما مع فعل التسمية والإشارة إلى الأسماء والتنظيمات والـ”نظام” وأركانه بالاسم وقد كان التعويم في الكتابة السورية سابقا أحد الأشياء التي تثير قرفي وكتب في ذلك يوما محللا الأمر ياسين الحاج صالح خير مني.
وإذا تجاهلنا مسألة حرية النشر وحق الاختلاف؛ فإني أرى أن نشر الرأي المخالف بشكل عام أينما وجد لا يزيد أي وسيلة إعلام إلا احتراما؛ حتى لو كانت ناطقة باسم جماعة أو تيار؛ في وقت لم يعد أحد قادر على حجب هذا الرأي فهو سيصل حتماً؛ وعندما تنشر جماعة معارضة مقالا ينتقدها بالاسم أو بالإحالة إلى المعارضة ككل فأنها على الأقل تعطي انطباعا انها تلتزم بما تنادي به؛ وحتى في اللعبة السياسية والإعلامية تكسب من هذا ولا تخسر!

ايلاف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى