محمود درويش «ينتصر على الموت»… ويموت
رام الله، بيروت
ابى الموت الا ان يثأر من الشاعر الذي كتب «هزمتك يا موت». وكان للموت موعد أخير امس اعلن فيه «انتصاره» على محمود درويش. وقضى الشاعر العربي الكبير الساعات الـ48 الاخيرة من صراعه في حال موت سريري، اثر مضاعفات مفاجئة تلت الجراحة التي أُجريت له في قلبه في مستشفى في مدينة هيوستن في ولاية تكساس الاميركية الاربعاء الماضي.
وقالت مصادر فلسطينية موثوق بها ان الرئاسة الفلسطينية بدأت ترتيبات اعادة جثمان درويش الذي نعاه الرئيس محمود عباس. واضافت ان بين هذه الترتيبات نقل الجثمان في طائرة اماراتية الى عمان، ومن هناك سيصار الى نقله الى رام الله في الضفة الغربية. كما تبذل مساع فلسطينية لدى اسرائيل للسماح بدفنه في قريته البروة في اراضي الـ48، والا فسيوارى الثرى في رام الله.
وكان درويش توجه الى الولايات المتحدة لاجراء فحوص للقلب وفي نيته ان يرفض الخضوع لعملية جراحية، كما أسرّ الى بعض أصدقائه في رام الله التي قصدها قبل أسبوع للحصول على تأشيرة دخول. لكن سرعان ما اجريت له عملية القلب المفتوح لتضييق الشريان الأبهر (الاورطي)، وذلك بعدما اظهرت الفحوص ان حاله الصحية حرجة، وان «الاورطي» يوشك على الانفجار.
وحدد الاطباء نسبة نجاح العملية بما بين 70 الى 75 في المئة، وفعلا نجحت، لكن ما لبثت أن تلتها مضاعفات خطرة بعد تعرض درويش الى جلطات صغيرة في الرأس، ما اضطر طبيبه الى إمداده بالتنفس الاصطناعي تحاشياً لأي اضطرابات أخرى، قبل ان يدخل درويش في حال موت سريري استمرت 48 ساعة.
يذكر ان درويش خضع لعمليتين في القلب، الاولى العام 1984، والثانية العام 1998. وكان طبيبه أفاده قبل سنة أن أمامه شهوراً يقرر بعدها إن كان يحتاج الى هذه الجراحة. وفي سفره الى هيوستن رافقه صديقاه المهندس الفلسطيني علي حويلي والصحافي أكرم هنية رئيس تحرير جريدة «الأيام» الصادرة في رام الله.
ويعتبر شاعر القضية الفلسطينية والمقاومة، وبين ابرز من ساهموا في تطوير الشعر العربي الحديث الذي مزج شعر الحب بالوطن. ولد محمود في فلسطين في قرية البروة في الجليل الغربي العام 1942 ودمرت قريته العام 1948 واقيمت مكانها قرية زراعية يهودية باسم «احي هود»، ونشأ وترعرع في قرية الجديدة المجاورة لقريته.
التحق في شبابه بالحزب الشيوعي الاسرائيلي وعمل في مجلة «الجديد» وصحيفة «الاتحاد» ولاحقته اجهزة الامن الاسرائيلية ثم فرضت عليه الاقامة الجبرية اعتبارا من العام 1961 حتى غادر العام 1972. لجأ الى مصر العام 1972 والتحق في صفوف منظمة التحرير الفلسطينية وشغل فيها عضوية اللجنة التنفيذية وعاش فترة في بيروت.
كتب درويش اعلان الاستقلال الفلسطيني الذي تم اعلانه في الجزائر العام 1988. وعمل رئيسا لتحرير مجلة «شؤون فلسطينية»، وشغل منصب رئيس رابطة الكتاب والصحافيين الفلسطينيين.
أسس مجلة «الكرمل» في بيروت العام 1980 والتي انتقلت الى قبرص قبل ان تستقر اخيرا في رام الله، وظل يشغل رئاسة تحريرها حتى الان. ونال ويش جوائز عالمية عدة تكريما لشعره.
الحياة – 10/08/08