صفحات ثقافية

كلمات على أبواب المطارات

null
باولو كويلو
قياس الحب

قال التلميذ لمعلّمه الهندوسي: “لطالما أردت معرفة إن كانت قدرتي على الحب توازي قدرتك”.
أجاب المعلّم: “الحب هو البعد الأخير. هو الذي يضمن للأرض دورانها وللنجوم تعلّقها بالسماء”.
“أعرف هذا كله. لكن كيف لي أن أتأكد من أن حبي عظيم كفايةً؟”.
“حاول أن تختبر ذاتك: هل تسلّم نفسك الى الحب أم تهرب من مشاعرك؟ لكن لا تطرح مثل هذا السؤال، فالحب ليس عظيماً ولا هو وضيع. لا يمكنك أن تقيس احساساً كمن يقيس طريقاً: فإن فعلت، فلن ترى سوى طيفك كما ينعكس وجه القمر على سطح البحيرة، لكنك عندئذٍ لن تكون قد اتّبعت طريقك”.
موسى يقسم المياه
بادرني صديقي بالقول فيما نحن نراقب الأفق من فوق ميناء سيدني: “غالباً ما يألف الناس ما يرونه في الأفلام الى درجة أنهم يتمثّلون أحداثها وينسون واقعهم. هل تذكر ذاك المشهد العظيم من فيلم “الوصايا العشر”؟”.
بالطبع أذكر. في احدى لحظات المشهد مدّ شارلتون هستون، الذي لعب دور موسى، يده فانقسمت المياه وتمكّن بنو اسرائيل من العبور.
أردف صديقي قائلاً ان القصة في الانجيل مختلفة، ففيها أن الرب أمر موسى بأن يطلب الى بني اسرائيل أن يتقدّموا. عندذاك فقط أمره الله بأن يمدّ يده، وعندذاك فقط انقسمت مياه البحر الأحمر. الشجاعة في العبور هي التي تخلق الطريق”.
القديس أغسطينوس والمنطق
اشارة بسيطة فقط دفعت القديس أغسطينوس الى اعتناق المسيحية، بعدما كان لسنوات غارقاً تتقاذفه التيارات الفلسفية بحثاً عن معنى الحياة. ذات غروب، كان يشغل تفكيره فشل بحثه هذا وهو في حديقة منزله بميلانو، في تلك اللحظة بالذات سمع صراخ طفلٍ في الشارع: “خذ واحداً و اقرأه! خذ واحداً واقرأه!”.
على الرغم من أن المنطق وحده كان يقوده، فقد قرر في حماسة اللحظة أن يسحب أقرب كتابٍ اليه. كان الكتاب الذي التقطه هو الكتاب المقدس، وقرأ فيه فصلاً من بشارة القديس بولس، وردت فيه الاجابات التي كان يبحث عنها.
ومذّاك فسح منطق أغسطينوس المجال لإيمانه، وغدا من أهم  لاهوتيي الكنيسة.
معنى الحقيقة
ارتكب الجنس البشري أبشع الجرائم باسم الحقيقة. نساءٌ ورجال أُحرقوا. حضاراتٌ بأكملها أُبيدت. وجرى تهميش كل من اتّبع طريقاً مغايراً.
أحدهم صُلب باسم الحقيقة. وقبل أن يموت ترك وراءه تعريفاً عظيماً للحقيقة.
ليست هي التي تعطينا الثوابت
ليست هي التي تمنحنا العمق
ليست هي التي تجعلنا أفضل من سوانا
ليست هي التي تخضعنا للأحكام المسبقة
الحقيقة هي التي تهبنا الحرية. وقد قال يسوع في ذلك: “من يملك الحقيقة يملك الحرية”.
* يخص الكاتب جريدة “النهار”، قبل سواها، بحق نشر مقالاته الأسبوعية مباشرة بعد صدورها بالبرتغالية، بالاتفاق مع ناشره بالعربية، “شركة المطبوعات للتوزيع وللنشر”.
ترجمة عزة طويل
النهار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى