ما الحل في زمن ما بعد الحل؟
ميشيل كيلو
كان الحل الأخير احتمالا ممكنا إلى ما قبل أشهر قليلة. لكن الانسحاب السوري جعله طوبى صعبة المنال، بينما حول الدخول الخارجي على خط علاقات سوريا اللبنانية إلى ساحة من ساحات صراع دولي متفجر، وإلى جزء من استراتيجيات الخارج تجاه دمشق، لن يكون للسلطة اللبنانية بالضرورة أي نفوذ مقرر عليها. خرج النظام السوري من لبنان وهو مؤمن بإمكانية فتح صفحة جديدة معه،
وهو يكتشف اليوم طبيعة المرحلة الجديدة، التي تذهب إليها المنطقة، وما تفرضه عليه من خيارات، ويتأكد يوميا من أن علاقاته مع لبنان ما تزال محكومة بالقرار ،1559 أي بإرادة الخارج. في هذا الوضع المعقد، لا تجد دمشق ما تفعله غير اتهام حكومة لبنان بالتبعية لأعدائها والرضوخ لهم، متجاهلة أن موقف بيروت ليس أقل صعوبة من موقفها، بالنظر إلى أن البيئة الدولية التي بدأت تتوطن فيه تضعه أمام خيارات صعبة، وتستغل ما لديه من مشكلات كثيرة ومعقدة يتخطى حلها قدراته الذاتية. ومن أسف أن دمشق لا تعينه، بل فرضت عليه حصارا يدفع به إلى الجانب الآخر، مع أن معركتها ليست معه، بل مع القوى الخارجية التي اقتحمته. ألم تكن زيارة السيدة رايس لبيروت نوعا من الاقتحام؟ وشرعت تحوله إلى ميدان صراع شامل ضدها.
يقصي هذا الواقع، الذي يتخلق بسرعة، خيار العلاقة المتكافئة بين دولتين مستقلتين، التي تخدم أهدافهما ومصالحهما وتقيم بينهما حال تفاهم وتعاون كتلك التي يجب أن تقوم بين أخوة متآزرين. فهل يقبل النظام السوري البديل الثاني، الذي يعني استكمال تطبيق القرار 1559 بصفته بديلا وحيدا، أم يذهب إلى معركة كسر عظم مع أمريكا وفرنسا، من المرجح أن يجد نفسه مجبرا على خوضها في الأشهر المقبلة، التي ستبدأ بنشر تقرير ميليس، وستشهد بتطورات يصعب تصورها اليوم، لكنها ستكون تفاصيل معركة حاسمة بالنسبة إلى أطرافها جميعا.