عراقيون في منفى متعدد الطبقات”.. تسجيلي لفجر يعقوب
محمد الخضر-دمشق
أنهى السينمائي السوري فجر يعقوب الأعمال الفنية لفيلمه التسجيلي الجديد “عراقيون في منفى متعدد الطبقات” الذي يتناول حياة ثلاثة عراقيين أمضوا معظم حياتهم لاجئين في سوريا.
وقام بتصوير الفيلم رائد صنديد، والسيناريو والإخراج لفجر يعقوب، والإنتاج لشركة صورة للإنتاج الفني التي يشرف عليها المخرج حاتم علي.
وتدور أحداث الفيلم حول شخصيات غادرت العراق أواخر السبعينيات من القرن الماضي كغيرهم من عشرات آلاف اللاجئين إلى سوريا في تلك الفترة.
واستخدم اثنان من تلك الشخصيات أسماء مستعارة وهما: الشاعر فايز العراقي واسمه الحقيقي ناهض حسن، وأبو حالوب الشخصية المثيرة للجدل واسمه الحقيقي لبيد، في حين لم يكن للثالث الكاتب محمد مظلوم أي انتماء سياسي يضطره لاسم مستعار.
مفارقات مؤلمة
وقال يعقوب للجزيرة نت إن “هناك مفارقات كثيرة في مسيرة تلك الشخصيات دفعتني لإنجاز الفيلم حولها”.
وأضاف “لجأ ناهض حسن للحيلة الاسمية باعتباره معارضا سياسيا للنظام السابق وخوفا من متابعته. ولكن المحزن أنه ألف 12 كتبا على مدى ربع قرن باسمه المستعار، وعندما أراد العودة لاسمه الحقيقي اضطر لوضع اسميه الحقيقي والمستعار على ثلاثة من الكتب التي ألفها أخيرا”.
يعيش ناهض اليوم في محافظة حلب شمالي سوريا، وهو واحد من مئات العراقيين الذين رفضوا مغادرة سوريا إلى وطنهم بعد الاحتلال الأميركي رغم مضي أكثر من ثلاثة عقود على غربتهم.
ويرفض أبو حالوب –وهو الاسم الذي يعرفه العراقيون حول العالم- اسمه الحقيقي لبيد، ويعلق يعقوب “نادرون هم الذين يعرفون ذلك الاسم لأبي حالوب”، مضيفا أن الرجل مؤمن بأن ذلك الاسم ضاع في زحمة المنافي.
ومن اللافت أن الشاعر العراقي الكبير محمد مهدي الجواهري ذكر اسمه الحقيقي “لبيد” في إحدى قصائده، حيث كان الجواهري صديقا لوالد أبي حالوب.
واعتاد أبو حالوب الجلوس في مقهى الروضة الشهير وسط العاصمة دمشق منذ العام 1989.
ويصفه كثيرون بأنه مختار العراقيين في دمشق، ويعودون إليه للاستفسار عن الكتاب والمثقفين العراقيين في سوريا، ويعيش وعائلته اليوم في صحنايا إحدى الضواحي القريبة من دمشق.
لا تمييز في النفي
وفي المقابل ليس لدى محمد مظلوم أي هواجس سياسية، حيث أنه مشغول بالشعر والدراسات الأدبية، الأمر الذي لم يوقعه في مشكلة الاسم المستعار.
لكن يؤكد يعقوب أن فكرة الفيلم اتكأت على مظلوم كثيرا، لأنه من أكثر من تأثر بالمشكلة ووصفها عبر معايشته لكثير من أبناء وطنه المنفيين واللاجئين إلى سوريا.
ويصفه يعقوب بأنه المحرر الأدبي لمصطلح “الأسماء العراقية في المنفى المتعدد الطبقات” في إشارة إلى تساوي العراقيين في هذه المشكلة، أغنياء وفقراء، أبناء عشائر أو مدينة، سنة أو شيعة، لا فرق.
ويعيش مظلوم في دمشق منذ نحو ثلاثة عقود، وألف في تلك الفترة أكثر من عشرة كتب في مختلف مجالات الأدب، وهو أيضا محرر “كتاب في جريدة ” الذي تصدره أكثر من صحيفة عربية كبرى.
ويتناول الفيلم الإشكالية بوضوح أكبر مع العراقي آدم حاتم الذي توفي قبل احتلال العراق، وبالتالي لم يتمكن من العودة إلى اسمه الحقيقي سعدون حاتم الدراجي.
ويشرح يعقوب التناقض بأن آدم معروف باسمه المستعار على نطاق واسع بين العراقيين والسوريين الذين كانوا جيرانه ومعارفه، فيما شهادة وفاته باسمه الحقيقي الذي لا يعرفه به أحد.
ويعقوب مخرج سينمائي تخرج من بلغاريا عام 1994، وله فيلم “السيدة المجهولة” من إنتاج المؤسسة العامة للسينما في سوريا، والنص للأديبة كوليت خوري. وله عدة مؤلفات سينمائية.