صفحات الناس

حجب موقع ألف في سورية: متى نعامل فقط كمواطنين كما بقية دول العالم

null
سحبان السواح
يسكتون  عن كل الفساد المستشري ولا يسكتون عن جملة ما  لا نعرف مكانها ولا نعرف من كتبها
موقع ألف ماركة مسجلة سورية ومعترف بجودتها عربيا وعالميا
أمضيت عمري منذ شبابي المبكر  وأنا لا أومن بالتحزب ولا بالانتماء لتجمع سياسي، معارضا كان أم مسالما وتابعا للسلطة. وذلك ليس لأنني أخاف من أحد، فكلنا نخاف السلطة حين تجد مبررا لقمعنا، فعلنا أم لم نفعل شيئا ..ورغم أنني لم أنتسب لحزب وهذا تستطيع كل فروع الأمن إثباته فعليا رغم بعض التقارير غير الموثوقة التي قد تكون رفعت لكسب مادي أو لكلمة قلتها هنا أو هناك .. ولكن ما فعلته خلال سني حياتي الطويلة لا أعتقد حزبا كان قادرا عليه فكيف إذا كان فردا..
فأنا أصدرت وعلى نفقتي الشخصية ولم أك غنيا ولم يورثني أبي رحمه الله شيئا. ومن عملي وجهدي وعرقي وتعبي أصدرت ولمدة عام كامل مجلة شهرية هي الأولى من نوعها في العالم الثالث تهتم ببلوغرافيا الكتاب العربي استقبلها الوطن العربي بلهفة ولكني لم استطع الاستمرار لأن أي مجلة تحتاج إلى إعانات أو اشتراكات خارجية لكي تستمر .بعد توقف مجلتي كتب عربية قامت كل من دولة الكويت و السعودية و ليبيا بإصدار مجلات فخمة تهتم  ببلوغرافيا الكتاب العربي ولكنها لم ترق لتكون بمستوى كتب عربية إلا من حيث فخامة الطباعة.
وأنا أول من أسس دار نشر حديثة وليس مكتبة تطبع كتبا ، وأول من تجاوز غيلان الكتاب وافتتح دار توزيع للكتاب التقدمي، كما كان يسمى حينها، .. و أول من استدعاه الأمن السياسي ليسأله عن كتاب مذكرات محمود رياض كانت القيادة القومية قد طلبت مني إحضار 500 نسخة من لتوزيعها على أعضاء القيادة فأدخلت 510 وزعت بعضها على بعض الأصدقاء واعتبر ذلك ذنبا لا يغتفر عند المسئول الإعلامي في الأمن السياسي حينها في مطلع الثمانينات وكان ضابطا كبيرا اسمه محمود علقم  أعتقد أنه خرج إلى التقاعد اليوم .. فطلبني وطلب مني أن أعمل مخبرا عنده مقابل العفو عني .. وعن أي شيء يعفو عني ؟؟!! وحين رفضت قامت قائمته وأحالني إلى ضابط أدنى منه ليحقق معي من أجل هذه النسخ العشر والتي لا تؤذي النظام ، وليست محاولة للمعارضة أو تأسيس حزب سياسي. مع ذلك قام الأمن السياسي بمصادرة مستودعات الكتب التي لي وإغلاق مكتبي بالشمع الأحمر وصار يستدعيني يوميا من الصباح وحتى المساء ليتركني منتظرا وحائرا وخائفا من النزول إلى القبو دون ذنب ..وخسرت متضامنا مع دور النشر التي أوزع لها عدة ملايين قيمة الكتب التي خربت في المستودعات ، ولم يعيدوا مكتبي في شارع الحمراء لصاحبته المسكينة إلا بعد فترة طويلة ..
غادرت سورية بما استطعت جمعه من مال مع عائلتي إلى قبرص هربا من هذه الإستدعاءات والكلام المؤذي والمذل الذي كانوا يسمعونني إياه.
بقيت في قبرص نحو ثلاث سنوات عدت بعدها وأسست من جديد دارا للنشر استمرت حتى التسعينات .. ثم أصدرت واحدة من أهم المجلات الثقافية في الوطن العربي في زمن كان الأدب يدمر والكتاب يتراجعون والقراء يتلاشون .. ومع ذلك صدرت المجلة لمدة سنتين وهي بنفس عنوان الموقع الذي حجبته أجهزة الأمن / ألف لحرية الكشف في الإنسان في الكتابة / وأسست لجيل من الكتاب الشباب وأثارت ضجة في الأوساط الثقافية العربية حتى أن وفدا رسميا جاء لزيارة وزير الإعلام محمد سلمان وكال المديح للمجلة وأهميتها مما جعل الوزير يستدعيني ويسألني إذا كنت محتاجا إلى مساعدة ومن لا يحتاج لمساعدة ولكنه حينها اكتفى بهذا السؤال ونسيني وتوقفت المجلة .. أفلست وبعت بيتي، وكتبت لفترة مسلسلات تلفزيونية لكي أستطيع الإنفاق على عائلتي .. ولأن كل شيء في هذا البلد يحتاج إلى تقديم تنازلات وترطيل بيضات لم الاستمرار بالعمل في الكتابة التلفزيونية فتوقفت .. ولأني لا أستطيع أن أعمل بالتجارة ولا بالنجارة ولا بالتمديدات الصحية عدت إلى ألف وأصدرتها كموقع ألكتروني .. وكنت كلما كتب افتتاحية ما حتى لو كانت ضد أمريكا وضد بوش أخاف أن تكون المياه قد عادت إلى مجاريها بينهم وبين بوش الإبن . أو من كلمة ما قد يفسرونها تفسيرا مخالفا لما قصدته .. ولأنهم لا يقولون لك لماذا فعلت كذا .. ماذا تعني بهذه الكلمة؟ بل يغلقون الموقع دون أي كلمة .. أو طلب تفسي..
وجاء اليوم الذي أمسكوا بذلة ما لي تمنيت لو عرفتها .. ضابط كبير قال لي أنني أحرض على الطائفية .. أمضيت الشهر الماضي وأنا أعيد قراءة أرشيف الموقع للبحث عن مكان فيه تحريض على الطائفية فلم أجد سوى مواقفي من الوهابية وهذا ليس تحريضا على الطائفية فليس في سوريا من ينتمي إلى هذه الديانة .. أو دعوتي للعلمانية وفصل الدين عن الدولة وهو شيء تمارسة القيادة في سورية دون أن تعلنه صراحة ..
نحن موجودون .. هذا ما يريدوننا أن ندركه .. نأتيك من أمامك ومن خلفك ومن فوقك ومن تحتك .. فلا ترفع رأسك .. ولا تطل رقبتك فنحن قادرون على قطعها .. هذه الرسالة التي يريدون توجيهها من خلال اختيار موقع ما لحجبه بين فترة وأخرى ليخيفوا من تسول نفسه من أصحاب المواقع التي لم تحجب بعد الخروج عن سياسة الدولة .. ولا أعتقد أحدا من الصحافيين يعرف ما هو مسموح وما هو ممنوع لدى الأمن ففي حين تمتلئ الصحف المحلية الرسمية وغير الرسمية في الحديث عن الفساد لم نجد أحدا من المسئولين اتخذ خطوة ما لوقف هذا الفساد .. علما أن جميع المسئولين في سوريا جاءوا من خلفية فقيرة وهم اليوم يمتلكون الفيلات والمزارع والسيارات الفاخرة ويشترون ملابسهم من أغلى الأماكن في أوروبا وتكلف أعراسهم وأعراس أبنائهم نصف ميزانية سورية لكل منهم .
هذا نسكت عنه .. أمنا ووزارات ومسؤولين  وما لا نسكت عنه جملة كتبها كاتب في الموقع أو  سحبان سواح وهو الذي ينفق من مال أولاده ومن المال الذي يمكن أن يمتع به أسرته على الموقع لكي .. ماذا أقول ؟ هل أصنع من نفسي بطلا وأقول من أجل الثقافة .. قد تكون الحقيقة أنها من أجل أن لا أظل عاطلا عن العمل .. وحتى هذا الأمر الصغير .. أن لا يتقاعد أحدنا مبكرا ويشعر بالمهانة والذل .. يجد عملا يدفع عليه من جيبه دون أي ضمان لربح ما .. مع كل ذلك .. ودون أن يشعروا بأي تأنيب ضمير يحجبون الموقع .. ويرمون في سلة المهملات جهود ثلاث سنوات كاملة لم يفكر أحدهم بتنبيهي بأن في ما أكتبه قد يؤدي بي إلى الحجب.
حُجب موقع ألف منذ شهر .. وكنت انتظر أن يكون قد حجب خطأ وسيعيدون فتحه .. ولكن الأمر طال ولابد من إعلان ذلك .. فقد آن الأوان أن يعرف من هم خارج سورية أن المكان الذي يحرر فيه الموقع الذي يتصفحونه يوميا ويرسلون باستمرار رسائل الإعجاب به محجوب في بلده سورية ..ولم تغفر لصاحبه كل ما فعله لخدمة الثقافة هفوة القلم التي لانعرف في أي مقالة أو أي سطر أو أي تاريخ .
حين كان أولادي صغارا كانوا يتفرجون على مسلسل كرتوني اعتقد أن اسمه كان صاحب الظل الطويل .. وقصته أن محسنا متنفذا وقادرا كان يحب مساعدة الأطفال الفقراء والمحتاجين والمظلومين .. وكانت البطلة هي التي سمته بصاحب الظل الطويل .. فهل نحتاج إلى وسيلة تخبر صاحب الظل الطويل عما يجري لأبنائه وأخوته وأهله من ظلم غير مبرر .. ليأتي ويساعدهم .. ويطلب من السلطات القادرة منها على الفعل رفع الحجب عن موقع ألف لحرية الكشف في الإنسان والكتابة واسمه الدولي على الإنترنت:
www.aleftoday.net

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى